سورة النساء ٤: ١٧٥
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِى رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}:
{فَأَمَّا}: الفاء: استئنافية. أما: حرف شرط وتفصيل.
{الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ}: ارجع إلى الآية (٨) من سورة البقرة للبيان.
{وَاعْتَصَمُوا بِهِ}: به: تعود إما على الله سبحانه، وإما تعود على النور؛ أي: القرآن، أو كلاهما.
كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} الحج: ٧٨.
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} آل عمران: ١٠٣.
فالاعتصام بالله: هو الاستمساك به، واللجوء إليه، دائماً وأبداً في الشدائد، وغيرها. والعصم: هو المنع؛ أي: المناعة، والمناعة من المرض تكون بأخذ اللقاح.
والاعتصام بالله: يعني: تجنب الوقوع في المعصية والآثام.
ويتم ذلك بتطبيق شرعه، وعدم مخالفة أوامره.
والاعتصام بالنور (بالقرآن): هو العمل به، أو تطبيق ما جاء فيه، وكذلك من يعتصم بالقرآن، يمتنع، يصبح عنده مناعة من الوقوع في المعاصي، ومخالفة أوامر الله؛ فهو شفاء ورحمة.
{فَسَيُدْخِلُهُمْ}: الفاء: للتعقيب والمباشرة.
{فَسَيُدْخِلُهُمْ}: السين: للاستقبال القريب؛ أيْ: عن قريب سيدخلهم ربُّهم في رحمته.
{فِى رَحْمَةٍ مِّنْهُ}: وهل الرحمة مكان يحل به المؤمن الذي توافرت فيه الشروط السابقة؟
نعم! الرحمة منه؛ أي: الجنة.
{فَسَيُدْخِلُهُمْ}: في رحمة منه؛ أيْ: في الدنيا. رحمة: جاءت بصيغة النكرة، تشمل الكثير، وتعني: الرزق، والعافية، والأمن، والطمأنينة، وغيرها، وفي الآخرة يدخلهم في الجنة برحمة منه وليس بأعمالهم؛ أي: رحمة خاصة بهم وليس رحمة عامة رحمة تغمرهم ولم يقل فسيدخلهم في رحمته كما قال تعالى في سورة الجاثية آية (٣٠) {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِهِ} (رحمته العامة)، وأما آية النساء تشير إلى الذين آمنوا واعتصموا أي زيادة الاعتصام بالله أدخلتهم في رحمته الخاصة.
{وَفَضْلٍ}: تعريفه: الزيادة على الأجر، قد يكون رضوان الله -سبحانه وتعالى- في الجنة، أو المنزلة العالية، أو الدرجات العالية في الجنة.
{وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}: ويهديهم إليه حصراً.
{صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}: هو الإسلام الذي يوصلهم للغاية، وهي سعادة الدارين.