سورة المائدة ٥: ٥٠
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}:
{أَفَحُكْمَ}: الهمزة: همزة استفهام إنكاري، وتعجبي، وتوبيخي.
{أَفَحُكْمَ}: مفعول به مقدَّم الأصل (أيبغون حكم الجاهلية)، وقدَّم المفعول؛ للاهتمام، والتأكيد، والمعنى: أفلا يبغون إلّا حكم الجاهلية.
{يَبْغُونَ}: يلتمسون، يطلبون، وتدل على الاستمرار في طلبهم؛ (أيْ: أهل الكتاب، أو غيرهم).
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ}: تحتمل معنيين:
المعنى الأول: حكم أهل الجاهلية؛ الذين جاؤوا قبل الإسلام، أفهم يريدون أن يعودوا إلى أحكام الجاهلية؛ التي يسودها الشرك، وعبادة الأصنام، ووأد البنات، والربا والفواحش.
والمعنى الثاني: الجاهلية مشتقّة من الجهل، وهو أسوأ من الأمية؛ أيْ: أفحكم الجهل والباطل يريدون أن يتبعوا.
وإضافة (الحكم) إلى كلمة الجاهلية؛ يقتضي التقبيح، والتنفير، وأنه مبني على الجهل والضلال.
{وَمَنْ}: الواو: عاطفة، من: اسم استفهام؛ بمعنى: النفي، والتقرير؛ أيْ: لا أحد أحسن وأفضل من الله حكماً، أو من المستحيل أن يكون هناك حكم أفضل، أو أحسن من حكم الله.
{حُكْمًا}: يشمل الحكم الكوني، والشرعي.
{لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}: اللام: لام الاختصاص؛ أيْ: هذا الحسن، والحكمة في الحكم ليس ظاهراً، أو واضحاً لكل واحد، وإنما واضح وظاهر للقوم الموقنين.
{يُوقِنُونَ}: من اليقين: وهو العلم بالحق، وهو العلم بالشيء استدلالاً، وبأن ليس هناك غيره.
درجات اليقين: علم اليقين، ثم عين اليقين، ثم حق اليقين، وهو أعلى درجات اليقين، واليقين يعني: الإيمان الثابت المستقر في القلب، ولا يطفو إلى العقل ليناقش من جديد.
وكلما ازداد الإنسان إيماناً ازداد معرفة، وتبيَّن له عدل أحكام الله تعالى، وازداد يقيناً به سبحانه؛ فهو أحكم الحاكمين. ارجع إلى سورة البقرة آية (٤) لمزيد من البيان في اليقين.