سورة المائدة ٥: ٥٢
{فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِىَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِى أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}:
{فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: أيْ: فترى المنافقين أو ضعاف الإيمان.
{فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}: النفاق، وضعف الإيمان، والشرك.
{يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}: يسارعون في موالاتهم، (موالاة اليهود، والنصارى)، يسارعون فيهم، ولم يقل: يسارعون إليهم.
{يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}: يدلّ على أنهم كانوا مع هؤلاء اليهود، والنصارى منذ البداية، أو سابقاً في الموالاة والنصرة، والآن ازدادت موالاتهم، ونصرتهم.
بينما (يسارعون إليهم): تعني: لم يكونوا معهم سابقاً، والآن فقط انضموا إليهم، وأصبحوا في حلفهم، وتدل على الاستمرار والتجدد في المسارعة.
{يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}:
{يَقُولُونَ}: أيْ: يبرِّرون موالاتهم لهم، ويعلِّلون ذلك بقولهم: {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ}: نخاف أن تصيبنا دائرة. مصيبة، والخشية فيها معنى الرهبة، والتعظيم، والعلم بالذي تخشاه.
{دَائِرَةٌ}: اسم فاعل، والدائرة تعني: تغير الحال من خير إلى شرٍّ.
دوائر الدهر، نوائب الدهر؛ مثل: المجاعة، والقحط، أو الهزيمة؛ أيْ: ترى المنافقين الذين في قلوبهم مرض يتخذون اليهود والنصارى والكفار أولياء؛ خشية أن يجدوا أنفسهم في المعسكر الضعيف؛ لذلك يحاولون دائماً أن يميلوا إلى المعسكر القوي؛ حفظاً على أنفسهم، وأموالهم، ومتاعهم.
{فَعَسَى}: الفاء: استئنافية. عسى: للترجي.
{اللَّهُ أَنْ يَأْتِىَ بِالْفَتْحِ}: الفتح: النصر من دون قتال؛ أيْ: نصر المؤمنين على الكافرين.
والفتح قد يعني: الحكم؛ كقوله: {افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ} الأعراف: ٨٩.
{أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِنْدِهِ}: بإظهار أمر المنافقين، ومعرفة أسمائهم، وفضيحتهم، أو يدبر الله لهم شيئاً خفياً؛ كالخوف، والرعب، أو الجلاء.
{فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِى أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}: فيصبح (الموالون من المؤمنين لليهود نادمين)، نادمين على ما أسرّوا في أنفسهم، من النفاق، وموالاتهم لليهود والنصارى، وكراهيتهم لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وللإسلام.