سورة المائدة ٥: ١٠١
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْـئَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْـئَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}:
سبب النزول: قيل: نزلت هذه الآية حينما فرض الله الحج، فقال أحد الصحابة: أكلَّ عامٍ يا رسول الله، فلم يجبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى كرَّر السؤال ثلاث مرات، فقال عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للسائل: ويحك ما يؤمنك أن أقول نعم؟ والله، لو قلت: نعم، لوجبت، ولو وجبت، ثم تركتم؛ لضللتم، اسكتوا عني ما سكتُّ عنكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، هذا ما رواه مسلم عن أبي هريرة.
وقيل: نزلت في رجل سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أبيه: أفي الجنة أم في النار؟ رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك.
وقيل: نزلت حينما سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}: نداء إلى الذين آمنوا، بتكليف جديد، والهاء في أيها: للتنبيه.
{لَا تَسْـئَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}: لا: الناهية.
{تَسْـئَلُوا}: أسئلة اللغو؛ أيْ: لا حاجة، ولا داعي للسؤال عنها، لا تسألوا الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
{عَنْ أَشْيَاءَ}: سكت عنها القرآن.
{إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}: إن شرطية، تفيد الاحتمال والقلة.
{تُبْدَ لَكُمْ}: أيْ: تظهر لكم الإجابة عنها.
{تَسُؤْكُمْ}: تحزنكم، أو تسيء إليكم، أو لا تعجبكم.
{وَإِنْ}: شرطية.
{تَسْـئَلُوا عَنْهَا}: حين ينزل القرآن، فإن أجيب عنها بفرض، أو إيجاب، أو نهي، أو حكم؛ كان بها؛ أيْ: إن سألتم عن أشياء ضرورية، عندها انتظروا نزول الوحي بالجواب، مثل: {يَسْـئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}، أو المحيض، أو اليتامى، ولا تقولوا: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم.
{عَفَا اللَّهُ عَنْهَا}: أيْ: أمسك الله عن ذكرها، فلم يوجب فيها حكماً، رحمة بكم، أو لحكمة ما، ولا تقولوا: إن الرسول لا يعلم الإجابة عنها، أو هو ليس نبياً.
وقد تعني: {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا}: لم يحاسب السائل عليها، أو يؤاخذه على سؤاله، ويفرض عليه كفارة أو عقوبة.
{وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}: غفور: كثير الغفر، أو المغفرة، صيغة مبالغة، يغفر الذنوب جميعاً، مهما كانت كبيرة، أو صغيرة، أو كماً أو نوعاً؛ إلّا الشرك، حتى يتوب العبد.
{حَلِيمٌ}: لا يعجل لكم العقوبة؛ مع قدرته -عز وجل- على ذلك.
حليم لمن عصاه؛ ينعم على خلقه، كثير الصفح، والأناة.