سورة المائدة ٥: ١٠٣
{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}:
{مَا جَعَلَ}: ما شرع، ما أوجب، ما أمر، ما صير.
والجعل: الجعل: يكون بعد الخلق؛ أي: مرحلة تالية للخلف، وقد يعني: توجيه المخلوق إلى مهمته في الحياة.
فالخلق والجعل لله تعالى وحده، وعلينا أن لا نتدخل في ذلك، فالله سبحانه خلق الخنزير؛ ليأكل القاذورات، فعلى الإنسان ألَّا يُغير هذا الجعل، فلا يحوله إلى غير مهمته، فيذبحه ويأكل لحمه.
مثال آخر: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ الَّائِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ}: التبني هو إفساد في الجعل.
{مَا}: النافية؛ للعاقل، ولغير العاقل.
{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ}: من: الاستغراقية.
{بَحِيرَةٍ}: إذا ولدت الناقة خمسة بطون؛ آخرها: أنثى شقوا أذنها شقاً واسعاً؛ يعني: بحروا الناقة، وتركوها، فلا تنحر، ولا يُحمل عليها، ولا تطرد من الماء، أو أي مرعى؛ أيْ: تأكل، وترعى أينما تشاء.
{وَلَا سَائِبَةٍ}: الناقة: التي تُسيب بنذرها للآلهة، ولا يحمل عليها، وترعى حيث تشاء.
{وَصِيلَةٍ}: إذا ولدت ذكراً وأنثى في بطن واحد، فلا يذبحونها، ويقال: وصلت أخاها.
{حَامٍ}: الفحل؛ الذي لقح عشرة أجيال من الإناث، فيقولون: حمى ظهره، فلا يُحمل عليه، ولا يُمنع الماء، والمرعى.
{وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}: الافتراء: هو اختلاف الكذب, والكذب في هذه الآية معرف بأل التعريف مقارنة بـ يفترون على الله كذباً: نكره فالكذب في هذه الآية يتعلق بالبحيرة, والسائبة, والوصيلة, والحام.
وكل هذه: البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام: هي اختراعات أهل الجاهلية والكفر؛ الذين يفترون على الله الكذب؛ أيْ: يختلقون الكذب، وينسبونه إلى الله، مع أنها مُسخَّرة لخدمة الإنسان؛ ليأكل من لبنها، ويسخِّرها لما يريد، وكيف يشاء، وليس كما زعم الكفار.
{وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}: أكثرهم تعود على الذين كفروا.
{لَا يَعْقِلُونَ}: لا: النافية، يعقلون: يفهمون؛ لأنهم يحلِّلون ويحرِّمون كما يشاؤون من دون علم، ولأنهم يفترون على الله الكذب.