سورة المائدة ٥: ١١٤
{قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}:
{قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا}: ولم يقل: اللهم ربي، ولم يستعمل ياء النداء؛ يا ربنا؛ للدلالة عن شعوره بقربه من الله، بل قال: اللهم ربنا؛ أيْ: راح يصحِّح ما قاله الحواريون؛ إذ قالوا: هل يستطيع ربك، فقد دعا بالألوهية، والربوبية معاً، بقوله: اللهم ربنا؛ أي: جمع بين الإلوهية والربوبية استعطافاً لله ليجيب دعاءهم.
وهذا يدل على كمال الإيمان في قلب عيسى -عليه السلام- ، مقارنة بإيمان هؤلاء الحواريين الناقص.
{أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ}: قدَّم الجار والمجرور؛ أيْ: علينا خاصَّة؛ للقصر والحصر.
{تَكُونُ لَنَا عِيدًا}: أيْ: يكون اليوم الذي أنزلت فيه المائدة عيداً لنا نعظمه، نحن ومن بعدنا، وقيل: نزلت يوم الأحد، ثم اتخذه النصارى عيداً؛ أيْ: مجمعاً لهم؛ كيوم الجمعة بالنسبة للمسلمين، وكلمة العيد؛ أي: الذي يعود ويتكرر.
{لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا}: أيْ: أولنا من جاء أولاً، وآخرنا لمن جاء بعدنا.
{وَآيَةً مِنْكَ}: معجزة منك؛ دالة على عظمتك وقدرتك.
{وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}: استعمل عيسى -عليه السلام- بدلاً من الطعام الرزق؛ لأن الرزق كلمة عامة، تشمل: الطعام، والشراب، والمال، والعلم، والأخلاق، وكلُّ شيء، ينتفع به هو رزق.
{وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}: أنت: ضمير منفصل؛ يدل على القصر والتأكيد.