سورة الأنعام ٦: ٢١
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِـئَايَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}:
استفهام على سبيل السؤال؛ كي يشارك المخاطب بالإجابة، فيقول: لا أحد حتى تقام عليه الحُجَّة، أما لو قال: ولا أظلم؛ فهو كلام إنشائي، على سياق الخبر.
{وَمَنْ}: الواو: استئنافية، من استفهام؛ يفيد النفي، والتوبيخ، والمعنى: لا أحد {أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}، والافتراء: هو الكذب المتعمد، مثل من قال: أوحي إليَّ، ولم يوحَ إليه، أو نسبوا له الولد، والبنات، والشريك. ومَنْ: تفيد المفرد، أو الجمع، والعاقل.
{أَوْ كَذَّبَ بِـئَايَاتِهِ}: أيْ: آيات القرآن، ودلائله الكونية، والمعجزات، والآيات التي جاءت في التوراة والإنجيل التي تدل على صدق نبوَّة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وجاءت كذباً بصيغة النكرة؛ لتشمل كل أنواع الكذب، ولو جاءت بصيغة المعرف بأل؛ أي: الكذب؛ لدلت على كذب محدد بعينه.
{إِنَّهُ لَا}: إن: تفيد التوكيد. لا: النافية.
{لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}: سواء أكانوا من الذين ظلموا أنفسهم بالشرك، أم من ظلموا الناس، وضلوا عن سواء السبيل، والظالم: هو كل من يخرج عن منهج الله تعالى، والفلاح: هو الفوز بالجنة، والنجاة من النار، فهؤلاء الظالمون: لن يكونوا من المفلحين في الآخرة؛ أي: الفائزين بالجنة، والناجين من النار. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٥) لبيان معنى الفلاح, وإذا قارنا هذه الآية {لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} مع الآية (١٧) في سورة يونس وهي قوله تعالى: {لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ}؛ المجرمون: أعم من الظالمين, والإجرام: أوسع معنى من الظلم, الظلم: جزء من الإجرام, وكذلك سبق آية يونس قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَجْزِى الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} آية: ١٣، وآية يونس استعمل فيها (فمن)، وآية الأنعام (ومن أظلم)؛ الفاء في آية يونس تدل أن ما قبلها سبب ما بعدها.