سورة الأنعام ٦: ٤٠
{قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}:
{قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ}: أيْ: أخبروني إِخبارَ من له علم ودراية، أخبروني بشيء من التأكيد.
والهمزة في {أَرَءَيْتَكُمْ}: للاستفهام، والتقرير، والتعجب، والرؤية هنا رؤية بصرية، ورؤية قلبية، فكرية؛ بمعنى: العلم.
وزيادة الكاف كلمة {أَرَءَيْتَكُمْ}: مقارنة بقوله: {قُلْ أَرَءَيْتُمْ}: لزيادة التنبيه، والتوكيد، فكأن المخاطب غافلٌ، والأمر يستوجب التنبيه؛ لأن الآية التي قبلها تحدثت عن الذين في الظلمات، والصم والبكم، فمثل هؤلاء يحتاجون إلى تنبيه شديد، ولذلك أعقبها -عز وجل- بقوله: {قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ}، بدلاً من أرأيتم، مبالغة في الإخبار؛ لأن هناك عذاباً، وهلاكاً قادماً عليهم.
{إِنْ أَتَاكُمْ}: إن شرطية، وتفيد القلة في الحدوث؛ لأن هذا الحدث؛ أيْ: وقوع العذاب، أو مجيء الساعة يحدث مرة واحدة فقط.
{عَذَابُ اللَّهِ}: الذي كان يأتي الأمم السابقة؛ كالريح الحاصبة، والعقيم، والصيحة، والرجفة.
{أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ}: أيْ: ساعة تهدم النظام الكوني الحالي، أو ساعة الاحتضار، أو ساعة الكرب والهلاك.
{أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ}: الهمزة: للاستفهام التوبيخي، أتدعون عندها حجراً، أو وثناً، أو صنماً؛ لمساعدتكم، وإنقاذكم من العذاب.
{إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}: المعنى: إن كنتم حقاً صادقين أخبروني من تدعون، وتستغيثون حين نزول البلاء بكم؛ لكشف الضر عنكم، آلله سبحانه، أم غيره.
إذنْ: {أَرَءَيْتَكُمْ}: فيها تنبيه أشد وأكثر من أرأيتم، وكذلك مبالغة في الإخبار، وذلك كلُّه ناتج عن زيادة الكاف.
ومثال آخر: هو كلمة {قَالَ أَرَءَيْتَكَ هَذَا الَّذِى كَرَّمْتَ عَلَىَّ} الإسراء: ٦٢ مقارنة بكلمة: {أَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} الفرقان: ٤٣.
{أَرَءَيْتَكَ}: فيها تعجب، وإخبار أشد؛ أيْ: أعلمني، وأخبرني بكل تأكيد مقارنة بكلمة {أَرَءَيْتَ}.