سورة الأنعام ٦: ٤٢
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}:
{وَلَقَدْ}: ارجع إلى الآية (٣٤)؛ للبيان.
{أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ}: قال: {أَرْسَلْنَا}: ولم يقل: بعثنا؛ إذ هناك فرق بينهما؛ ارجع إلى الآية (٦٤) من سورة النساء؛ للبيان، أو البقرة، آية (١١٩).
{فَأَخَذْنَاهُم}: أيْ: بعد أن كذبوا رسلهم، عاقبناهم، والأخذ يعني: بشدة، وقوة.
{بِالْبَأْسَاءِ}: القحط، والفقر، والجوع، والخوف، والعواصف، والبراكين، والأوبئة، والكوارث الجوية تصيب الجميع.
{وَالضَّرَّاءِ}: المرض، والألم، والفقر، والجوع، يصيب الفرد وحده.
فالبأساء؛ تعني: الإصابة عامة تشمل الجميع، والضراء: خاصة تصيب الفرد.
{لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}: التضرع: هو التذلل، والاستكانة، والخضوع؛ لعلَّهم يرجعون إلى طريق الإيمان، والتضرع: قد يُقبل، أو لا يُقبل.
لنقارن هذه الآية مع الآية (٩٤) من سورة الأعراف.
في سورة الأنعام، الآية (٤٢): {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}.
وسورة الأعراف، الآية (٩٤): {وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مِنْ نَّبِىٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ}.
الاختلاف الأول بكلمة: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا}: اللام: للتوكيد. قد: للتحقيق.
{وَمَا أَرْسَلْنَا}: ما: للنفي؛ أيْ: آية الأنعام: تؤكد، وآية الأعراف: تنفي.
الاختلاف الثاني: {أَرْسَلْنَا إِلَى}، {أَرْسَلْنَا فِى}: إلى: تفيد الانتهاء، أرسلنا إلى الإرسال، لا يقتضي المكث، وإنما يقتضي التبليغ والعودة.
أما أرسلنا في: فتفيد الظرفية، أرسلنا في: الإرسال؛ يعني: المكث، والدخول فيهم، مع التبليغ، والانتظار.
الاختلاف الثالث: أمم مقابل قرية، الأمم أكثر عدداً من القرية.
الاختلاف الرابع: {يَتَضَرَّعُونَ}: أطول بعدد الحروف، وفيها تشديد واحد، عدد المتضرعين أكثر بكثير، من القرية، فزيادة البناء في كلمة {يَتَضَرَّعُونَ}: لتناسب زيادة عدد السكان، وتضرعهم أقل شدة من تضرع أهل القرية.
{يَضَّرَّعُونَ}: الكلمة أقصر، وفيها تشديدان؛ لأن عدد المتضرعين في القرية أقل من عدد المتضرعين من الأمم، ولكن تضرع أهل القرية رغم عددهم القليل هو أشد تضرعاً من تضرع الأمم.