سورة الأنعام ٦: ٧٣
{وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}:
كيف ندعو من دون الله ما لا ينفعنا، ولا يضرنا؛ وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق.
{وَهُوَ}: ضمير منفصل؛ يفيد الحصر، والتوكيد.
{الَّذِى}: اسم موصول؛ يفيد التعظيم.
{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}: الباء: للإلصاق؛ تعني: بالشيء الثابت الذي لا يتغير، فالسموات، والأرض، والكواكب، والأفلاك على نظام ثابت لا تتغير قوانينه؛ {وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.
{بِالْحَقِّ}: تعني: لم يخلقها عبثاً، أو لهواً، بغير حكمة؛ أيْ: خلقهما بحكمة. ارجع إلى سورة إبراهيم آية (١٩) لمزيد من البيان في معنى: بالحق.
{وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ}:
ويوم يقول -جل وعلا- ليوم القيامة: {كُنْ فَيَكُونُ}.
{قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}:
{قَوْلُهُ الْحَقُّ}: أي: الصدق الكائن، لا محالة، قوله في كل شيء، أو أمر، وحكم، أو إيجاد، أو بدء، أو نهاية، أو قضاء: هو الحق.
{وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ}: وله الملك، تقديم الجار والمجرور؛ يفيد الحصر، له وحده -عز وجل- .
{الْمُلْكُ}: ملك السموات والأرض، وما فيهن، والملك يعني: الحكم، وكذلك يعني الملك.
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ}: نفخة الصعق، الموت، والفناء، فلا يبقى إلا هو وحده سبحانه؛ كقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} غافر: ١٦.
{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}: عالم اسم فاعل: من علم؛ أي: الاتصاف بالعلم ما غاب، واستتر عنه العيون: من الكون، والخلق، والسر، والنجوى، عالم الغيب، والأسرار، وعالم ما يُشاهد، ويُرى بالمدركات العيون والآذان، وغيرها، يعلم السر، والعلن، ويعلم السر، وما أخفى، الرقيب، المحيط بكل شيء علماً، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات، ولا في الأرض, ولنعلم أن كلمة عالم في كل القرآن جاءت مقترنة بعالم الغيب أو غالم الغيب والشهادة, وكلمة علام في كل القرآن جاءت مقترنة بالغُيُوب؛ أي: علام الغيوب, وكلام صيغة مبالغة, وكلمة عليم تفيد المبالغة في العلم؛ أي: المحيط علمه بظواهر الأمور وبواطنها.
{وَهُوَ الْحَكِيمُ}: في تدبير خلقه، وكونه، وشرعه، والحكيم مشتقة من الحكم، أو الحكمة، فهو أحكم الحاكمين، وأحكم الحكماء. ارجع إلى الآية (١٢٩) من سورة البقرة؛ للبيان.
{الْخَبِيرُ}: العليم ببواطن الأمور، وخفايا الصدور.