سورة الأنعام ٦: ٨١
{وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَىُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}:
{وَكَيْفَ}: الواو: عاطفة.
{وَكَيْفَ}: للاستفهام عن الحال؛ يفيد النفي والاستبعاد؛ أيْ: يستبعد إبراهيم أن يخاف في المستقبل.
{أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ}: أيْ: كيف أخاف هذه الأصنام، على أيِّ حال؛ لأنها لا تضر، ولا تنفع، ولا تخافون أنكم أشركتم بالله، {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا}.
{وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ}: الباء: للإلصاق، الذي بيده النفع، والضر، والأمن، والخوف، {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا}: أيْ: حُجَّة ودليل.
والسلطان نوعان: سلطان قوة، وقهر، أو سلطان حُجَّة، وبرهان، أو آية، أو دليل.
انتبه إلى قوله -جل وعلا- : {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا}: جاء بلفظ {عَلَيْكُمْ}؛ أيْ: هو أمر خاص بهم (بقوم إبراهيم)، وأهل زمانه، أما قوله: {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا}: من دون عليكم؛ فالخطاب هنا عام، وشامل لكل الناس، وليس محدوداً بجماعة معينة، أو قوم كما ورد في سورة آل عمران، الآية (١٥١)، وسورة الأعراف، الآية (٣٣).
{فَأَىُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}:
{فَأَىُّ}: الفاء: للتوكيد؛ أيْ: أداة استفهام.
{الْفَرِيقَيْنِ}: الذين آمنوا، ووحدوا ربهم الذين لم يلبسوا إيمانهم بشرك؛ أيْ: بظلم، أم الذين ظلموا؟
{أَحَقُّ بِالْأَمْنِ}: أيْ: أحق بأن يأمن العذاب، عذاب ربه، أو بالأمن؛ أيْ: عدم الخوف.
انتبه إلى الفرق بين الأمن في هذه الآية، والأمنة كقوله: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُم مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا} آل عمران: ١٥٤.
الأمن: هو الطمأنينة، مع زوال الخوف، والسبب كاملاً؛ أيْ: سبب الخوف من دون بقاء أيِّ أثر لهما.
الأمنة: تعني الطمأنينة إلى حد ما، فالخوف لا يزول تماماً، ولا يزال الشخص خائفاً غير مطمئن إلى حدٍّ ما، فالأمن أفضل من الأمنة.
{إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}: ولم يقل: إذا كنتم تعلمون؛ لأن: {إِنْ}: شرطية، تفيد الاحتمال، أو الندرة بعكس (إذا) التي تفيد الحتمية والكثرة.
واحتمال كونهم يعلمون: هو احتمال نادر، أو قليل، ولذلك استعمل: إن.
{كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}: من هو أحق بالأمن.