سورة الأنعام ٦: ١٠٨
{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}:
{وَلَا تَسُبُّوا}: أيْ: ولا تسبوا، لا: الناهية، لا تسبوا الذين يعبدون، أو يدعون من دون الله، أو تسبوا آلهتهم؛ فيكون ذلك سبباً لهم لسب الله سبحانه، والسب: يشمل الكلام القبيح، أو الشتم، والذم، والهجاء، والعيب.
{عَدْوًا}: أيْ: ظلماً، ظلماً بجهل، أو تسرعاً، والعَدْو: الاعتداء، والتجاوز، وعدا؛ أيْ: ظلم.
{بِغَيْرِ عِلْمٍ}: جهلاً منهم؛ بما لله سبحانه: من حق، وتقديس، وقدر.
وفي هذه الآية: يتبيَّن الأدب القرآني في عدم السب؛ لأنه قد يكون سبباً في بُعدهم عن الإسلام أكثر فأكثر، ويكون وراء ذلك مفسدة، وهذا يعلمنا اللطف في منهج الدعوة؛ لأن الوسيلة هي أن تستميل القلوب للإسلام.
{كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}:
{كَذَلِكَ}: أيْ: كما زينا لهؤلاء القوم، حب آلهتهم، والانتصار لها، والدفاع عنها، وعدم الرضا بسبِّها.
{زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ}: من الأمم عملهم: من خير أو شر، أو الإيمان والكفر، أو التوحيد والشرك، والمزين هنا هو الشيطان، أو الله سبحانه. انظر إلى الملحق.
وتعريف الأمة: جماعة من الناس، تجمعهم عقيدة واحدة، أو دِين واحد، أو مبادئ وأسس اجتماعية غير ربانية.
{ثُمَّ}: للترتيب والتراخي.
{إِلَى رَبِّهِمْ}: تقديم الجار والمجرور؛ يفيد الحصر، حصراً إلى الله مرجعهم.
{فَيُنَبِّئُهُمْ}: الفاء: للتوكيد.
{بِمَا}: الباء: للإلصاق.
{كَانُوا يَعْمَلُونَ}: في الدنيا بإخراج صحائف أعمالهم التي تشمل الأقوال والأفعال.
والسؤال في هذه الآية؛ من هو المزيِّن؟
التزيين يأتي من الله سبحانه، أو من الشيطان، أو أحياناً يكون فعل التزيين مبنياً للمجهول، فالله -جل وعلا- : هو المزين للأعمال الحسنة، أعمال البر، والتقوى، والخير، والإحسان التي تزيد في هداية المؤمن، وتقواه، وأما الشيطان وأتباعه: فهو المزين لأعمال السوء، أعمال الشرك، أو الضلال، والغواية، والمعصية، والعدوان، والشر، والظلم.