سورة الأنعام ٦: ١٤٤
{وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}:
وأنشأ لكم من الإبل اثنين (الذكر والأنثى): الجمل والناقة، ومن البقر اثنين (الثور والبقرة).
{قُلْ}: أيْ: اسألهم يا محمد -صلى الله عليه وسلم-: {آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ}: نفس التفسير السابق.
{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا}: شهداء؛ أيْ: حضور؛ ففي الآية السابقة؛ طلب منهم: البرهان، والدليل على التحريم.
وفي هذه الآية؛ كأنه يقول لهم: إذا عجزتم عن إحضار الدليل، والبيِّنة على التحريم، هل كنتم حاضرين حينما وصَّى الله سبحانه أحداً منكم بهذا، أو كنتم حين وصَّى الله أنبيائه، أو وصَّاكم الله بهذا، بل أنتم كاذبون، أو تفترون الكذب على الله.
{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}:
{فَمَنْ}: الفاء: استئنافية، من: شرطية.
{أَظْلَمُ}: على وزن أفعل، مبالغة في الظلم؛ أيْ: لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذباً.
{افْتَرَى}: الافتراء: هو الكذب المتعمَّد، المختلق.
{عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}: كذباً: نكرة؛ تشمل كل أنواع الكذب المفترى، والخرص، والإفك، والكثير، والقليل، المتعمَّد، أو غير المتعمَّد.
{لِيُضِلَّ}: اللام: لام التعليل، والتوكيد.
{النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ}: ليضل الناس عن اتباع الحلال وتجنب الحرام.
{بِغَيْرِ عِلْمٍ}: دليل من الله، أو بغير حُجَّة، وبرهان، أو من دون علم شرعي.
{إِنَّ}: للتوكيد.
{لَا}: النافية.
{يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}: الذين شرعوا ما لم يشرع الله تعالى، ولا رسوله به، افتروا على الله الكذب.
وقد يسأل سائل: هو أضل الناس بغير علم، ولم تكن نية إضلال الناس بعلم؟
نقول له: إذا هو أضل الناس بغير علم؛ أي: هو أضل الناس بأهوائه، فهذا يعتبر افتراء على الله -عز وجل- .