وَمَعَهُ ولداه الْعَزِيز وَالظَّاهِر وَأَخُوهُ الْعَادِل فالتمس الْعَادِل عوض حلب بلادا عينهَا ونواحي بِمصْر بَينهَا
وَكَانَ قد مَال الْملك الْعَزِيز إِلَيْهِ لإشفاقه عَلَيْهِ فَسَأَلَ أَبَاهُ أَن يسير مَعَه الْعَادِل فَإِنَّهُ نعم الْكَافِي الكافل فَأعْطَاهُ السُّلْطَان بِمصْر الْبِلَاد الْمَعْرُوفَة بالشرقية وَاعْتمد عَلَيْهِ فِي نيابته فِي سَائِر الممالك المصرية
وَلما سمع تَقِيّ الدّين هَذَا الْخَبَر نبا وَنَفر وذم الْغَيْر واستبدل من الصفو الكدر وغار من تغير الرَّأْي فِيهِ وَإِذا تولى أَبُو بكر فَلَا عمر
فَعبر إِلَى الجيزة مظْهرا أَنه يمْضِي إِلَى بِلَاد الْمغرب ليملكها وَكتب وَسَأَلَ السُّلْطَان أَن لَا يمنعهُ من سلوك مسلكها وسمت همته إِلَى مملكة جَدِيدَة وأقاليم ذَات ظلال مديدة وبلاد وَاسِعَة ومدن شاسعة
وَقد كَانَ أحد مماليكه الْمَعْرُوف بقراقوش قد جمع من قبل الجيوش وَسَار إِلَى بِلَاد برقة فملكها وهدته الأمنية إِلَى النفائس من بِلَاد نفوسة فأدركها وَتجَاوز إِلَى إفريقية وَهُوَ يكْتب أبدا إِلَى مَالِكه الْملك المظفر يرغبه فِي تِلْكَ المملكة وَيَقُول إِن الْبِلَاد سائبة
فَلَمَّا تجدّد لتقي الدّين مَا تجدّد وتمهد لِعَمِّهِ الْعَادِل مَا تمهد عَاد لَهُ ذكر الْمغرب فَعبر بعسكره ومالت إِلَيْهِ عَسَاكِر مصر لبذله وَقدم مَمْلُوكه يوزبا فِي الْمُقدمَة
فَلَمَّا انْتهى إِلَى السُّلْطَان خبر عزمه قَالَ لعمري إِن فتح الْمغرب مُهِمّ لَكِن فتح الْبَيْت الْمُقَدّس أهم والفائدة بِهِ أتم والمصلحة مِنْهُ أخص وأعم وَإِذا توجه تَقِيّ الدّين واستصحب مَعَه رجالنا الْمَعْرُوفَة ذهب الْعُمر