وَفِي هَذِه السّنة سَار الشَّهِيد إِلَى ديار بكر فَفتح عدَّة بِلَاد مِنْهَا طنزة وإسعرد وَملك مَدِينَة الْمَعْدن الَّذِي يعْمل مِنْهُ النّحاس من إرمينية ومدينة حيزان وَأخذ من أَعمال مادرين عدَّة مَوَاضِع ورتب أُمُور الْجَمِيع وَملك مَدِينَة حاني وحاصر آمد وَأرْسل عسكرا إِلَى مَدِينَة عانة فملكها لَهُ وَقد تقدم ذكرهَا فِي السّنة قبلهَا
فصل
فِي فتح الشَّهِيد الرها فِي جُمَادَى الْآخِرَة من سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخمْس مئة
وَكَانَت لجوسلين وَهُوَ عاتي الفرنج وشيطانهم والمقدم على رِجَالهمْ وفرسانهم وَكَانَ مُدَّة حصاره لَهَا ثَمَانِيَة وَعشْرين يَوْمًا وأعادها إِلَى حكم الْإِسْلَام
وَهَذِه الرها من أشرف المدن عِنْد النَّصَارَى وَأَعْظَمهَا محلا وَهِي إِحْدَى الكراسي عِنْدهم فأشرفها الْبَيْت الْمُقَدّس ثمَّ أنطاكية ثمَّ رُومِية وقسطنطينية والرها
وَكَانَ على الْمُسلمين من الفرنج الَّذين بالرها شَرّ عَظِيم وملكوا من نواحي ماردين إِلَى الْفُرَات على طَرِيق شبختان عدَّة حصون كسروج والبيرة وجملين والموزر
وَكَانَت غاراتهم تبلغ مَدِينَة آمد من ديار بكر وماردين ونصيبين وَرَأس عين والرقة وَأما حران فَكَانَت مَعَهم فِي الخزي كل يَوْم قد صبحوها بالغارة
فَلَمَّا رأى الشَّهِيد الْحَال هَكَذَا أنف مِنْهُم وَعلم أنة لَا ينَال مِنْهَا غَرضا مَا دَامَ جوسلين بهَا
فَأخذ فِي إِعْمَال الْحِيَل وَالْخداع لَعَلَّ