بإرسال عَسْكَر إِلَى حصن فنك يحصره فسير خلقا كثيرا من الفرسان والرجالة فأقاموا عَلَيْهِ يحصرونه إِلَى أَن أَتَاهُم الْخَبَر بقتل الشَّهِيد أتابك
وَهَذَا الْحصن هُوَ مجاور جَزِيرَة ابْن عمر وَهُوَ للأكراد البشنوية وَله مَعَهم مُدَّة طَوِيلَة يَقُولُونَ نَحْو ثَلَاث مئة سنة وَهُوَ من أمنع الْحُصُون مطل على دجلة وَله سرب إِلَى عين مَاء لَا يُمكن أَن يُحَال بَين أَهله وَبَينهَا
قلت وَفِي هَذِه السّنة أنْشد ابْن مُنِير بالرقة عماد الدّين زنكي يهنئه بالعافية من مرض عرض لَهُ فِي يَده وَرجله قصيدة أَولهَا
(يَا بدر لَا أفل وَلَا محاق ... وَلَا يرم مشرقك الْإِشْرَاق)
(بِالدّينِ وَالدُّنْيَا الَّذِي تَشْكُو وَهل ... يَهْتَز فرع لم يقمه سَاق)
(لن تورق القضب وَيجْرِي مَاؤُهَا ... فِيهَا إِذا مَا التاثت الأعراق)
(إِن الرعايا مَا سلمت فِي حمى ... للخطب عَن طروقه إطراق)
(غرست بِالْعَدْلِ لَهُم خمائلا ... ترتع فِي حديقها الحداق)
(يَا هضبة الدّين الَّتِي عاذ بهَا ... فَعَاد لَا بَغت وَلَا إرهاق)
(لَو لم تحطه راحلا وقافلا ... أصبح لَا شام وَلَا عراق)
(عماد دين مذ أَقَامَ زيغه ... حَيّ وَمَات الشّرك والنفاق)
(يَا محيي الْعدْل الَّذِي فِي ظله ... تسربلت زينتها الْآفَاق)
(يفديك من لاَنَ مِهاد جنبه ... لما نبا بجنبك الإقلاق)
(من بِشَبَا سَيْفك أنبطْت لَهُ العذب ... وَمَاء عيشه زعاق)