فَخرج نور الدّين وَأَخذهَا من بني منقذ وَسلمهَا إِلَى مجد الدّين ابْن الداية وَسَار إِلَى سرمين لِأَنَّهُ بلغه حَرَكَة الفرنج فاعترضه هُنَاكَ مرض أشفى مِنْهُ فأحضر شيركوه وأوصاه بالعساكر وَأَن يكون الْأَمر بعده لِأَخِيهِ نصْرَة الدّين أَمِير أميران
فَسَار أَسد الدّين إِلَى دمشق وَأقَام بمرج الصفر خوفًا أَن يَتَحَرَّك الفرنج إِلَى جِهَة دمشق أَو غَيرهَا وَلم يزل هُنَاكَ حَتَّى تعافى نور الدّين فَعَاد إِلَى خدمته مهنئا لَهُ بالعافية
وَكَانَ أَخُوهُ نصْرَة الدّين قد حاصر قلعة حلب فِي مُدَّة مرض نور الدّين فَلَمَّا أَفَاق نور الدّين من مَرضه سيرة إِلَى حران وَجعل ولي عَهده أَخَاهُ قطب الدّين صَاحب الْموصل
قَالَ وَكَانَ مجد الدّين طمع فِي الْملك لنَفسِهِ فتحزم لأَمره وتقرب إِلَى النَّاس وَجعل لَهُ أَصْحَاب أَخْبَار وشحن الطرقات والسبل بِالرِّجَالِ بتفتيش الخارجين من حلب وَغَيرهَا والداخلين إِلَيْهَا
قلت وَلابْن مُنِير تهنئة لنُور الدّين بالعافية من مرض غير هَذَا
(يَا شمس لَا كسف وَلَا تكدار ... وَلَا خلت من نورك الْأَنْوَار)
(الْبَدْر مَنْقُوص وَأَنت كَامِل ... لَك السَّرَايَا وَله السرَار)
(برؤك لِلْإِسْلَامِ من أدوائه ... برْء وَفِي أعدائه بوار)
(مَا أَنْت إِلَّا السَّيْف صد صدأ ... عَن مَتنه مضربه البتار)
(لَو كَانَ مَحْمُولا أَذَى عَن منفس ... لحملته دُونك الْأَبْصَار)
(وَلَو فدت أَرض سَمَاء ساقت الْمُلُوك ... فِي فدائك الْأَمْصَار)
(انت غياث محلهم إِن أجدبوا ... وَخَيرهمْ إِن ذكر الْخِيَار)
(وَفِي سَرِير الْملك مِنْهَا ملك ... لله فِي سرائه أسرار)