إِلَى الفرنج وَبَقِي فِي نَفسه
وَتُوفِّي الْأَمِير سُلْطَان وَولى بعده أَوْلَاده فَبلغ نور الدّين عَنْهُم مراسلة الفرنج فَاشْتَدَّ مَا فِي نَفسه وَهُوَ ينْتَظر الفرصة فَلَمَّا خربَتْ القلعة بالزلزلة وَلم يسلم مِنْهَا أحد كَانَ بالحصن فبادر إِلَيْهَا وملكها وأضافها إِلَى بِلَاده وعمرها وأسوارها وأعادها كَأَن لم تخرب وَكَذَلِكَ أَيْضا فعل بِمَدِينَة حماة وكل مَا خرب بِالشَّام بِهَذِهِ الزلزلة فَعَادَت الْبِلَاد كأحسن مَا كَانَت
قلت وَسَيَأْتِي ذكر أُسَامَة بن مرشد فِي أَخْبَار سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَهِي السّنة الَّتِي قدم فِيهَا دمشق من بِلَاد الشرق وَذَلِكَ أَنه لما خرج من شيزر استوطن دمشق ثمَّ فَارقهَا إِلَى الديار المصرية وَكتب إِلَى معِين الدّين أنر أتابك صَاحب دمشق يعاتبه فِي أَسبَاب الْمُفَارقَة قصيدة أَولهَا
(وَلُوا فَلَمَّا رجونا عدلهم ظلمُوا ... فليتهم حكمُوا فِينَا بِمَا علمُوا)
(مَا مر يَوْمًا بفكري مَا يريبهم ... وَلَا سعت بِي إِلَى مَا ساءهم قدم)
(وَلَا أضعتُ لَهُم عهدا وَلَا اطَّلَعت ... على ودائعهم فِي صَدْرِي التهم)
(فَلَيْت شعري بِمَ استوجبتُ هجرهمُ ... ملوا فصدهم عَن وَصلي السأم)
(حفظت مَا ضيعوا أغضيت حِين جنوا ... وفَيْتُ إِذْ غدروا واصلت إِذْ صرموا)
(حُرِمتُ مَا كنت أَرْجُو من ودادهم ... مَا الرزق إِلَّا الَّذِي تجرى بِهِ الْقسم)
(وَبعد لَو قيل لي مَاذَا تحب وَمَا ... تخْتَار من زِينَة الدُّنيا لَقلت هم)
(لَهُم مجَال الْكرَى من مقلتي وَمن ... قلبِي مَحل المنى جاروا أَو اجترموا)
(تبدّلُوا بِي وَلَا أبغي بهم بَدَلا ... حسبي هم أنصفوا فِي الحكم أَو ظلمُوا)