إِنْسَان من الأكراد فقطعها فنجا نور الدّين وَقتل الْكرْدِي فَسَأَلَ نور الدّين عَن مخلفي ذَلِك الْكرْدِي فَأحْسن إِلَيْهِم جَزَاء لفعله وَكَانَ أَكثر الْقَتْل فِي السوقة والغلمان
وَسَار نور الدّين إِلَى مَدِينَة حمص فَأَقَامَ بظاهرها وأحضر مِنْهَا مَا فِيهَا من الْخيام ونصبها على بحيرة قدس على فَرسَخ من حمص وَبَينهَا وَبَين مَكَان الْوَقْعَة أَرْبَعَة فراسخ وَكَانَ النَّاس يظنون أَنه لَا يقف دون حلب وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى أَشْجَع من ذَلِك وَأقوى عزما
وَلما نزل على بحيرة قدس اجْتمع إِلَيْهِ كل من نجا من المعركة فَقَالَ لَهُ بعض أَصْحَابه لَيْسَ من الرَّأْي أَن تقيم هَهُنَا فَإِن الفرنج رُبمَا حملهمْ الطمع على الْمَجِيء إِلَيْنَا وَنحن على هَذِه الْحَال
فوبخه وأسكته وَقَالَ إِذا كَانَ معي ألف فَارس فَلَا أُبَالِي بهم قلوا أَو كَثُرُوا وَوَاللَّه لَا أستظل بجدار حَتَّى اخذ بثأر الْإِسْلَام وثأري
ثمَّ إِنَّه أرسل إِلَى حلب ودمشق وأحضر الْأَمْوَال وَالدَّوَاب والأسلحة والخيام وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْجند فَأكْثر وَفرق ذَلِك جَمِيعه على من سلم وَأما من قتل فانه أقرّ إقطاعه على أَوْلَاده فَإِن لم يكن لَهُ ولد فعلى بعض أَهله فَعَاد الْعَسْكَر كَأَنَّهُ لم يفقد مِنْهُ أحد
وَأما الفرنج فَإِنَّهُم كَانُوا عازمين على قصد حمص بعد الْهَزِيمَة لِأَنَّهَا أقرب الْبِلَاد إِلَيْهِم فَلَمَّا بَلغهُمْ مقَام نور الدّين عِنْدهَا قَالُوا إِنَّه لم يفعل هَذَا إِلَّا وَعِنْده من الْقُوَّة أَن يمنعنا
وَكَانَ نور الدّين رَحمَه الله تَعَالَى قد أَكثر الخرج إِلَى أَن قسم فِي يَوْم وَاحِد مئتي ألف دِينَار سوى غَيرهَا من الدَّوَابّ والخيام وَالسِّلَاح وَغير ذَلِك
وَتقدم إِلَى ديوانه أَن يحضروا الْجند ويسألوا كل وَاحِد مِنْهُم عَن الَّذِي أَخذ مِنْهُ فَكل من ذكر شَيْئا أَعْطوهُ عوضه فَحَضَرَ بعض الْجند وَادّعى شَيْئا كثيرا