واستوزره الْأَمِير غَازِي بن زنكي وآزره عَليّ كوجك على وزارته وَحلف لَهُ على مظاهرته ومظافرته
وَجرى بَين جمال الدّين الْوَزير وَبَين زين الدّين عَليّ كوجك وَبَين سيف الدّين غَازِي التعاقد على التعاضد والتعاهد على التساعد وَتَوَلَّى جمال الدّين وزارة الْموصل وَاسْتولى فَعَاشَ بنداه الْجُود وعشا إِلَى نَادِيه الْوُفُود وعادت بِهِ الْموصل قبْلَة الإقبال وكعبة الآمال فأنارت مطالع سعوده وسارت فِي الْآفَاق صنائع جوده وَعمر الْحَرَمَيْنِ الشريفين وَشَمل بِالْبرِّ أهلهما وَجمع بالأمن شملهما وأجرى بَحر السماح ونادى حيّ على الْفَلاح فصاحت بأفضاله أَلْفَاظ الفصاح وَأتوا إِلَيْهِ من كل فج عميق وَقصد من كل بلد سحيق وقصده العظماء ومدحه الشُّعَرَاء
وَمِمَّنْ وَفد إِلَيْهِ أَبُو الفوارس سعد بن مُحَمَّد بن الصيفي الْمَعْرُوف بحيص بيص
قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ فِيهِ قصيدة أَولهَا
(يَا للصوارم والرماح الذبل ... نصرا وَمن أنجدتما لم يخذل)
(لَو شئتما ومشيئة بِمَشِيئَة ... جاد الزَّمَان وبالعلا لم يبخل)
(فاقني فخارك يَا مجاشع واعلمي ... أَنِّي لكم من همتي فِي جحفل)
(أَنا فَارس الْيَوْمَيْنِ يَوْم مقَالَة ... ووغى أصُول بصارمي وبمقولي)
(ظلمت فضائلي المقاول مِثْلَمَا ... ظلمت جمال الدّين مأوى العُيَّل)
(مدحوه كي يحووا مَنَاقِب نَفسه ... فَطَمَتْ فسالت بالمدائح من عل)
(فَأتيت ابذل مَا اسْتَطَعْت وَمن يرد ... نقل الخضم إِلَى المزادة يخجل)
(شمس من الْإِحْسَان عَم ضياؤها ... بل آيَة جَاءَت بِحجَّة مُرْسل)