بِملك الصّلاح
قَالَ واتصل مرض نور الدّين وَأَشَارَ عَلَيْهِ الْأَطِبَّاء بالفصد فَامْتنعَ وَكَانَ مهيبا فَمَا رُوجِعَ وانتقل حادي عشر شَوَّال يَوْم الْأَرْبَعَاء من مربع الفناء إِلَى مرتع الْبَقَاء وَلَقَد كَانَ من أَوْلِيَاء الله الْمُؤمنِينَ وعباده الصَّالِحين وَصَارَ إِلَى جنَّات عدن أعدت لِلْمُتقين
وَكَانَت لَهُ صُفَّة فِي الدَّار الَّتِي على النَّهر الدَّاخِل إِلَى القلعة من الشمَال وَكَانَ جُلُوسه عَلَيْهَا فِي جَمِيع الْأَحْوَال فَلَمَّا جَاءَت سنة الزلزلة بنى بِإِزَاءِ تِلْكَ الصفّة بَيْتا من الأخشاب مَأْمُون الِاضْطِرَاب فَهُوَ يبيت فِيهِ وَيُصْبِح ويخلو بِعِبَادَتِهِ ولايبرح فَدفن فِي ذَلِك الْبَيْت الَّذِي اتَّخذهُ حِميً من الْحمام وَأذن بِنَاؤُه لبانيه بالانهدام
قَالَ الْعِمَاد وَقلت فِي ذَلِك
(عجبت من الْمَوْت كَيفَ اهْتَدَى ... إِلَى ملك فِي سجايا ملك)
(وَكَيف ثوى الْفلك المستدير ... فِي الأَرْض وَالْأَرْض وسط الْفلك)
وَله فِيهِ رحمهمَا الله تَعَالَى
(يَا ملكا أَيَّامه لم تزل ... لفضله فاضلة فاخرة)
(غاضت بحار الْجُود مذ غيبت ... أنملك الفائضة الزاخرة)
(ملكت دنياك وخلفتها ... وسرت حَتَّى تملك الْآخِرَة)