قد بعد وَمَا يبْقى عَلَيْهِ خوف إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وثانية تَأْخُذ يَده وتحلفه برأسي أَنه لَا يجاور
وثالثة تعطيه من مَال الجوالي ثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَتقول لَهُ لَا بُد مَا تخرج هَذَا عني لَا عَنْك فِي المجاورين بِمَكَّة وَالْمَدينَة وَفِي أَهلهَا هَذَا أَمر لَا بُد مِنْهُ فَإِن النَّاس لَا بُد لَهُم من الطّلب وَلَا بُد لَك من الْعَطاء وَإِن قَالَ إِن الشَّيْء قَلِيل
فَأَنت تقرضني هَذَا الْمبلغ من مَالك وتعطيه إِيَّاه فَلَا بُد وَإِلَّا فَلَا إِذن لَهُ فِي الرواح إِلَى الْحَج إِلَّا على هَذِه الشُّرُوط الَّتِي قد شرطتها وَأما مَجِيئه فَيَجِيء إِلَى الشَّام فَأَنا مَا بَقِي لي دَار إِلَّا هِيَ حَتَّى يقْضِي الله بَيْننَا وَبَين الفرنج {وَهُوَ خير الْحَاكِمين}
وَكتب الْفَاضِل إِلَى بعض مَشَايِخ مَكَّة بعد رُجُوعه سقى الله الْحجاز وَحيا كعبته وَيَا طول مَا ترشقني سِهَام الشوق الَّذِي أصبح الذّكر جعبته آها على تِلْكَ المواقف وتبا لمن رَضِي أَن يكون مَعَ الْخَوَالِف فرعيا ونعمى وحسنة وحسنى لمجاوري ذَاك الْحرم ولعامري أَيَّامه الَّتِي هِيَ الْأَيَّام لَا أَيَّام ذِي سلم
فيالهف الصُّدُور وَطول غليلها إِلَى وُرُود مَاء زمزمه وطوبى لمن استضاء فِي مضال الظُّلم بِعِلْمِهِ وَمهما نسيت فَلَا أنسى برد الكبد بَحر صيفها وموسم الْأنس بِثَلَاث مناها وخيفها
(آها عَلَيْهَا لَيَال مَا تركن لنا ... إِلَّا الأسى وعلالات من الْحلم)
(عَسى الرِّيَاح إِذا سَارَتْ مبلغة ... توفّي فقد غدر الأحباب بالذمم)
ثمَّ قَالَ فَأَما الطَّرِيق الْمُبَارَكَة فقد جرى فِيهَا خطوب وشؤون وَأَحَادِيث كلهَا شجون وَكَانَت العقبى إِلَى سَلامَة وَلما قاربنا الكرك نَهَضَ الْعَدو فَلم تمكن الرّجْعَة وَلَا التعريج جانبا ثمَّ من الله تَعَالَى بانجلاء