القولنج فَهَلَك بِهِ وَدفن بقصر الْإسْكَنْدَريَّة
وَكَانَ أحد الأجواد الكرماء الْأَفْرَاد شجاعا باسلا عَظِيم الهيبة كَبِير النَّفس وَاسع الصَّدْر ممدحا فِيهِ يَقُول ابْن سَعْدَان الْحلَبِي من قصيدة
(هُوَ الْملك إِن تسمع بكسرى وَقَيْصَر ... فَإِنَّهُمَا فِي الْجُود والبأس عبداه)
(وَمَا حَاتِم مِمَّن يُقَاس بِمثلِهِ ... فَخذ مَا رَأَيْنَاهُ ودع مَا روينَاهُ)
(ولذ بذراه مستجيرا فَإِنَّهُ ... يجيرك من جور الزَّمَان وعدواه)
(فَلَا تتحمل للسحائب منَّة ... إِذا هطلت جودا سحائب جدواه)
(وَيُرْسل كفيه بِمَا اشتق مِنْهُمَا ... فلليمن يمناه ولليسر يسراه)
قَالَ الْعِمَاد وفيهَا فِي الْمحرم توفّي بثغر الْإسْكَنْدَريَّة تورانشاه أَخُو صَلَاح الدّين وَوصل الْخَبَر بذلك إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ نَازل بِظَاهِر حمص فَحزن عَلَيْهِ حزنا شَدِيدا وَجعل يكثر إنشاد أَبْيَات المراثي وَكَانَ كتاب الحماسة من حفظه وَكَانَ صَلَاح الدّين لما ملك مصر أرْسلهُ إِلَى الْيمن فملكها ثمَّ استناب فِيهَا وَقدم الشَّام سنة إِحْدَى وَسبعين فَلَمَّا وصل تيماء جَاءَ مِنْهُ كتاب وَفِيه أَبْيَات لشاعره ابْن المنجم مِنْهَا
(فَهَل لأخي بل مالكي علم أنني ... إِلَيْهِ وَإِن طَال التَّرَدُّد رَاجع)
(وَإِنِّي بِيَوْم وَاحِد من لِقَائِه ... لملكي على عظم المزية بَائِع)
(وَلم يبْق إِلَّا دون عشْرين لَيْلَة ... وتجني المنى أبصارنا والمسامع)
(لَدَى ملك تعنو الْمُلُوك إِذا بدا ... وتخشع إعظاما لَهُ وَهُوَ خاشع)