كَلَام نَفِيس فِي ترك التَّقْلِيد الْأَعْمَى وَاتِّبَاع من شهِدت لَهُ الشَّرِيعَة بالعصمة
١٦٦ - ثمَّ اشْتهر فِي آخر الزَّمَان على مَذْهَب الشَّافِعِي تصانيف الشَّيْخَيْنِ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَأبي حَامِد الْغَزالِيّ فأكب النَّاس على الِاشْتِغَال بهَا وَكثر المتعصبون لَهما حَتَّى صَار المتبحر الْمُرْتَفع عِنْد نَفسه يرى أَن نصوصهما كنصوص الْكتاب وَالسّنة لَا يرى الْخُرُوج عَنْهَا وَإِن أخبر بنصوص غَيرهمَا من أَئِمَّة مذْهبه بِخِلَاف ذَلِك لم يلْتَفت إِلَيْهَا
١٦٧ - وَقد يَقع فِي بعض مصنفاتهما مَا قد خَالف الْمُؤلف فِيهِ صَرِيح حَدِيث صَحِيح أَو سَاق حَدِيثا على خلاف لَفظه أَو نقل إِجْمَاعًا أَو حكما عَن مَذْهَب بعض الْأَئِمَّة وَلَيْسَ كَذَلِك
فَإِن ذكر لذَلِك المتعصب الصَّوَاب فِي مثل ذَلِك نَادَى وَصَاح وزمجر وأخفى الْعَدَاوَة وَكَانَ سَبيله أَن يفرح بوصوله إِلَى مَا لم يكن يعرفهُ وَلَكِن أعماه التَّقْلِيد أصمه عَن سَماع الْعلم الْمُفِيد
بعض شُبُهَات المقلدين وَالرَّدّ عَلَيْهَا
١٦٨ - وَيَقُول المتحذلق مِنْهُم المتصدر فِي منصب لَا يسْتَحقّهُ أما كَانَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة يعْرفُونَ هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح الْوَارِد على خلاف نصهم فَيرد حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمثل هَذَا الهذيان الَّذِي لَو فكر فِيهِ أسكته عَنهُ لِأَن خَصمه فِي مثل هَذَا هُوَ الله وَرَسُوله لِأَن الله تَعَالَى افْترض علينا طَاعَة رَسُوله فقد وصلنا إِلَى حَدِيثه فَلَا نرده إِلَى قَول أحد
١٦٩ - ثمَّ إِن فِي ذَلِك إبطالا لمذهبه وهدما لأصله الَّذِي مهده إِمَامه وأسسه
وَذَلِكَ أَن الشَّافِعِي إِنَّمَا تعصب على من كَانَ قبله من الْأَئِمَّة بِمثل ذَلِك من دلالات الْكتاب وَالسّنة مِمَّا ظَنّه خَفِي على من سبقه