التَّاء أَنَّهَا الأَصْل فِي التَّأْنِيث، إِذْ لم نجد الْهَاء للتأنيث.
فَإِن قَالَ قَائِل: قد وجدنَا الْهَاء تسْتَعْمل للتأنيث فِي قَوْله: هَذِه أُنْثَى؟
قيل لَهُ: لَيست الْهَاء عَلامَة للتأنيث، وَإِنَّمَا هِيَ بدل من يَاء، لأَنهم يَقُولُونَ: (هذي أمة الله) فالهاء بدل من الْيَاء الَّتِي فِي (هذي) ، فَدلَّ أَن الْهَاء لَيست عَلامَة (٨ / ب) للتأنيث.
فَإِن قيل: فَمَا الدَّلِيل على أَنَّهَا بدل من الْيَاء؟
قيل لَهُ: الدَّلِيل على ذَلِك أَنَّك تَقول فِي تَثْنِيَة هَذِه: تان، فَلَو كَانَت الْهَاء أصلا فِي نَفسهَا لم يجز حذفهَا فِي التَّثْنِيَة، ولوجب أَن تَقول: هان، فَلَمَّا وجدناهم قد أسقطوا الْهَاء فِي التَّثْنِيَة، وَرَجَعُوا إِلَى أَن قَالُوا: تان، كَمَا قَالُوا فِي الَّذِي: اللَّذَان، وَفِي ذَا: ذان، علمنَا أَن التَّاء هِيَ الأَصْل.
وَوجه آخر: وَهُوَ أَن الْكَلِمَة لما اسْتعْمل فِيهَا الْهَاء وَالتَّاء، وَوجدنَا التَّاء أثقل من الْهَاء، وَلم نجد الْهَاء فِي غير هَذَا الْموضع تحْتَمل أَن تكون للتأنيث، وَجب أَن نقدر الْهَاء بَدَلا من التَّاء، وَذَلِكَ جَائِز، لِأَنَّهُ عدُول من الأثقل إِلَى الأخف، فَإِذا كَانَ ذَلِك مُحْتملا وَجب حمله على مَا ذكرنَا، لِئَلَّا يخرج عَمَّا فِي كَلَامهم.
فَإِن قيل: فَمَا الْحَاجة فِي الْفَصْل بَين تَأْنِيث الِاسْم وتأنيث الْفِعْل.
قيل: لِأَن الْفِعْل قد تسمي بِهِ، فَإِن سمي بِفعل فِيهِ عَلامَة التَّأْنِيث لزم أَن يُوقف عَلَيْهِ بِالْهَاءِ، كَرجل سمي ب (قَامَت) فَيُقَال: جَاءَنِي قامه، فَيُوقف بِالْهَاءِ، فَصَارَ من الْفَصْل بَينهمَا بَيَان وَدلَالَة على الِاسْم وَالْفِعْل.
فَإِذا قَالَ: فَلم كَانَ الِاسْم بالتغيير أولى من الْفِعْل؟