سَائِر مضارع الرباعي لهَذَا الْقسم، لِئَلَّا يخْتَلف طَرِيقه، وَيجْرِي الْفِعْل على طَرِيق وَاحِد. فَإِن قيل: فَلم كَانَ الْفَصْل بِالضَّمِّ أولى؟
قيل لَهُ: لِأَن الضَّم هُوَ الأَصْل، وَالْكَسْر مستثقل، إِذْ كَانَ الْجَرّ قد منع من الْفِعْل، فَلم يبْق إِلَّا الضَّم. وَوجه آخر: أَن الضَّم أقوى الحركات، فَأدْخل على أول مضارع الرباعي، ليَكُون عوضا من الْحَرْف الْمَحْذُوف.
فَإِن قيل: فَلم صَار الرباعي أولى من ضم الثلاثي؟ قيل: لِأَن الرباعي أقل فِي كَلَامهم من الثلاثي، وكرهوا ضم الثلاثي لِئَلَّا يكثر فِي كَلَامهم مَا يستثقلون.
وَوجه آخر: وَهُوَ أَن الضَّم أقوى من الْفَتْح، وَكَانَ الرباعي قد حذف مِنْهُ حرف، فَوَجَبَ أَن يعْطى الرباعي الْحَرَكَة القوية، ليَكُون فِيهِ مَعَ الْفَصْل عوضا من الْمَحْذُوف.
فَإِن سُئِلَ: لم ضممتم أول (يدحرج) وَهُوَ خَمْسَة أحرف، وَلَيْسَ يلتبس بالثلاثي؟
قيل: لِئَلَّا يخْتَلف طَرِيق الْفِعْل الرباعي، فَلَمَّا لزم الضَّم فِي بعضه لعِلَّة، أجري سَائِر تصاريفها عَلَيْهَا، لِئَلَّا يخْتَلف.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم اسْتَوَى لفظ الْمُتَكَلّم، مؤنثا كَانَ أَو مذكرا، وَفصل مَا بَين الْمُخَاطب وَالْغَائِب؟
قيل لِأَن الْمُتَكَلّم لَا يخْتَلط بِغَيْرِهِ، فَلَمَّا لم يَقع فِيهِ التباس، لم يحْتَج إِلَى فصل، فَتَقول: أَنا أقوم، وَإِن كَانَ مؤنثا وَكَذَلِكَ: نَحن نقوم، للمذكر والمؤنث، وسنبين لم اسْتَوَى لفظ التَّثْنِيَة وَالْجمع للمتكلم فِي (بَاب الضَّمِير) ، إِن شَاءَ الله.