مَا قَامَ مقَامه، وناب مَنَابه.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الَّذِي أحْوج إِلَى إِقَامَة (مَتى) مقَام حرف الِاسْتِفْهَام، وهلا استغني بِحرف عَنْهَا؟
قيل لَهُ: فِي اسْتِعْمَال ذَلِك حِكْمَة عَظِيمَة واختصار، وَذَلِكَ أَن الْقَائِل لَو قَالَ: أتخرج يَوْم السبت؟ لجَاز أَلا يُرِيد الْمُخَاطب الْخُرُوج إِلَّا فِي الْيَوْم الثَّانِي، فَيَقُول: لَا، فَيلْزم السَّائِل تَكْرِير السُّؤَال مرَارًا كَثِيرَة.
ووجدوا (مَتى) تستثقل على الْأَوْقَات، فأقاموها مقَامهَا، ليلزموا المسؤول الْإِجَابَة بِوَقْت خُرُوجه، وينحذف هَذَا التَّطْوِيل، فَلهَذَا دخلت (مَتى) فِي الِاسْتِفْهَام.
وَكَذَلِكَ حكمهَا فِي الْجَزَاء، إِذا قلت: مَتى تخرج أخرج، فَهَذَا اللَّفْظ يُوجب التَّعْيِين عَن خُرُوجك للَّذي تخاطبه.
فَإِن قلت: إِن تخرج يَوْم السبت أخرج مَعَك، فقد يجوز أَن تخرج فِي غَيره من الْأَيَّام، وَلَا يجب عَلَيْك الْخُرُوج، فَلَمَّا صَارَت (مَتى) فِيهَا عُمُوم للأوقات اسْتعْملت فِي الْجَزَاء، وتضمنت معنى حُرُوف الشَّرْط، فَلهَذَا بنيت، وَالله أعلم.
وَاعْلَم أَن المبنيات على قسمَيْنِ:
أَحدهمَا: أَن يبْنى الِاسْم على حَرَكَة.
وَالْآخر: أَن يبْنى على السّكُون.
فَالَّذِي يسْتَحق أَن يبْنى على حَرَكَة: كل اسْم كَانَ معربا قبل اسْتِحْقَاق الْبناء،