الجواب عن الباب الأول:
الذي يجوز في استثناء الذي يبتدأ فيه ما بعد (إلا) - إذا كان الاستثناء يرجع
إلى معنى الجملة في النفي - أن يقع بعد (إلا) مبتدأ وخبر.
ولا يجوز ذلك في الإيجاب؛ لأنه بمنزلة مفعول: ضربت, ونحوه في أنه
لا يكون مفرداً, وإذا كانت (إلا) فيه لتعديه الفعل على جهة إخراج بعض من كل.
وتقول: ما مررت بأحد إلا زيد خير منه, فهذه الجملة في موضع صفة (أحد) ,
كأنك قلت: مررت بإنسان زيد خير منه, ثم أدخلت (إلا) لمعنى الاختصاص,
فقلت: ما مررت بأحد إلا زيد خير منه.
والفرق بين: مررت بقوم زيد خير منهم, وبين: ما مررت بقوم إلا زيد خير منهم, أن الأول يحتمل أن يكون قد مر بقوم آخرين هم خير من زيد, ولا يحتمله
الكلام الثاني.
وقول العرب: والله لأفعلن كذا وكذا إلا حل ذلك أن أفعل كذا وكذا, فهذا
الاستثناء منقطع, بمعنى: لكن حل ذلك أن أفعل كذا وكذا, ووجه رجوعه إلى
أصل الاستثناء أن فيه معنى: ليقعن فعل كذا إلا مالا يقع منه لتحلة اليمين.