ولم وجبَ إسقاطُ العلامةِ في (مَنْ) في الوصلِ, فلا يثبتُ شيءٌ من هذه الزياداتِ للإعرابِ, ولا للتثنيةِ والجمعِ, ولا للتأنيثِ, ولكن تقولُ: مَنْ يا فتى؟ في جميعِ ذلك؟ وهل ذلك لأن الوصلَ قد أخرجهُ عن محضِ الحكايةِ, وصار بمنزلةِ الاستفهام المُستأنفِ, مع أنَّ منْ مبنيةٌ لا يجبُ لها ما يجبُ للمُتمكنِ من التصرفِ في وجوهِ البيانِ باختلافِ العلاماتِ كما يجبُ لأيِّ في الوصلِ والوقفِ؛ فلذلك قُلتَ: أيهٌ يا فتى؟ وأيَّتان؟ وأيَّاتٌ؟ في الوصلِ, ولمْ يجُز مثلُ ذلك في: من؟ .
ولمَ جاز في مذهبِ بعض العربَ: منا, ومني, ومنو؟ في الواحدِ, والاثنين, والجميع؟ وهل ذلك للاجتزاء بعلامةِ الإعرابِ في الدلالةِ على الحكايةِ؛ إذ كانت (من) تصلحُ للواحدِ, والأثنين, والجميعِ على صيغةٍ واحدةٍ كما جاء في التنزيل: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} الأنعام: ٢٥ , وفي موضعٍ آخر: {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} يونس: ٤٢ , فمرةً تُحملُ على اللفظ, ومرةً على المعنى, ومن ثنى وجمع؛ كان مذهبُه أحسنَ؛ لأنه أدلُّ وأشكلُ على أن الاستفهام