الصرف عن العطف يؤذن بالحمل على التأويل, ويطرق تضمين المعاني من جهة الجواب الذي يكون الأول فيه سببًا للثاني, وما يوجبه تقدير السبب من أنه إذا انتفى: انتفى المسبب, لا محالة, ومن أنه إذا انتفى أن يكون الفعل سببًا لشيء مع وجوده, لم يكن ذلك الشيء.
ونظير إضمار (أن) التي لا يجوز إظهارها الإضمار في: لا يكون وأخواتها في الاستثناء, فهي في هذا على ذلك القياس.
وقال الفرزدق:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب إلا ببين غرابها
فحمل الثاني بالعطف على مقدر لم يذكر, فهذا (على قياس حمل الثاني)
بالعطف في الفاء على مقدر لم يذكر, وإن كان أحدهما قويًا يجوز في الكلام, لأن دلالة الفعل على المصدر أقوى من دلالة (ليس) على الباء في الخبر, فلهذه العلة لم يجز إلا في الضرورة, وجاز بالفاء في الكلام, فالقياس إنما هو الحكم اللطيف الذي يفهم من أحد الشيئين فيه الآخر, وإن اختلفت العلل, وعلى ذلك أنشد الأبيات الأخر.
وفي التنزيل: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} , فهذا نصب على جواب النفي, كأنه قيل: لا يقضى عليهم بالموت فيموتوا, لأن من تدبير الله جل