أبي قسعة، فهزمهم، وخرج القبط على يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة أمير مصر بناحية سخا، ونابذوا العمال وأخرجوهم، وذلك في سنة خمسين ومائة، وصاروا إلى شبرا سنباط، وانضم إليهم أهل اليشرود والأريسية والنجوم، فأتى الخبر يزيد بن حاتم، فعقد لنصر بن حبيب المهلبيّ على أهل الديوان، ووجوه مصر، فخرجوا إليهم فبتهم القبط، وقتلوا من المسلمين. فألقى المسلمون النار في عسكر القبط، وانصرف المسلمون إلى مصر منهزمين.
وفي ولاية موسى بن عليّ بن رباح على مصر خرج القبط ببلهيب في سنة ست وخمسين ومائة، فخرج إليهم عسكر فهزمهم، ثم انتقضوا مع من انتقض في سنة ست عشرة ومائتين، فأوقع بهم الأفشين في ناحية اليشرود حتى نزلوا على حكم أمير المؤمنين، عبد الله المأمون، فحكم فيهم بقتل الرجال، وبيع النساء والأطفال. فبيعوا وسبى أكثرهم.
ومن حينئذ أذل الله القبط في جميع أرض مصر، وخذل شوكتهم فلم يقدر أحد منهم على الخروج، ولا القيام على السلطان، وغلب المسلمون على القرى، فعاد القبط من بعد ذلك إلى كيد الإسلام وأهله بإعمال الحيلة، واستعمال المكر، وتمكنوا من النكاية بوضع أيديهم في كتاب الخراج، وكان للمسلمين فيهم وقائع يأتي خبرها في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
ذكر نزول العرب بريف مصر واتخاذهم الزرع معاشا وما كان في نزولهم من الأحداث
قال الكندي: وفي ولاية الوليد بن رفاعة الفهميّ «١» على مصر، نقلت قيس إلى مصر في سنة تسع ومائة، ولم يكن بها أحد منهم قبل ذلك إلا ما كان من فهم وعدوان، فوفد ابن الحبحاب على هشام بن عبد الملك، فسأله أن ينقل إلى مصر منهم أبياتا، فأذن له هشام في لحاق ثلاثة آلاف منهم، وتحويل ديوانهم إلى مصر على أن لا ينزلهم بالفسطاط، فعرض لهم ابن الحبحاب وقدم بهم فأنزلهم الحوف الشرقيّ، وفرّقهم فيه.
ويقال: إن عبيد الله بن الحبحاب لما ولاه هشام بن عبد الملك مصر قال: ما أرى لقيس فيها حظا إلا لناس من جديلة وهم فهم وعدوان. فكتب إلى هشام: إنّ أمير المؤمنين أطال الله بقاءه قد شرّف هذا الحيّ من قيس ونعشهم ورفع من ذكرهم وإني قدمت مصر، ولم أر لهم حظا إلا أبياتا من فهم، وفيها كور ليس فيها أحد، وليس يضر بأهلها نزولهم