وهو عيسى ابن مريم، وزعم أن المسيح ابن الله، وأنه هو الذي يحاسب الخلق في الآخرة، وأنه هو المعنيّ بقول الله تعالى في القرآن: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ
البقرة/ ٢١٠ وزعم في قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله خلق آدم على صورته» أن معناه خلقه إياه على صورة نفسه. وأن معنى قوله عليه السلام: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر» إنما أراد به عيسى، وزعم أن في الدواب والطيور والحشرات حتى البق والبعوض والذباب أنبياء لقول الله سبحانه: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ
فاطر/ ٢٤ وقوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ
الانعام/ ٣٨ ولقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لولا أن الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها» وذهب مع ذلك إلى القول بالتناسخ، وزعم أن الله ابتدأ الخلق في الجنة، وإنما خرج من خرج منها بالمعصية، وطعن في النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أجل تعدّد نكاحه وقال: إنّ أبا ذر الغفاريّ أنسك وأزهد منه قبحه الله، وزعم أنّ كل من نال خيرا في الدنيا إنما هو بعمل كان منه، ومن ناله مرض أو آفة فبذنب كان منه، وزعم أن روح الله تناسخت في الأئمة.
والثانية عشر الحمارية: أتباع قوم من معتزلة عسكر مكرم، ومن مذهبهم أن الممسوخ إنسان كافر معتقد الكفر، وأن النظر أوجب المعرفة، وهو لا فاعل له، وكذلك الجماع أوجب الولد، فشكّ في خالق الولد، وأنّ الإنسان يخلق أنواعا من الحيوانات بطريق التعفين، وزعموا أنه يجوز أن يقدر الله العبد على خلق الحياة والقدرة.
والثالثة عشر المعمرية: أتباع معمر بن عباد السلميّ، وهو أعظم القدرية غلوّا، وبالغ في رفع الصفات والقدرة بالجملة، وانفرد بمسائل منها: أنّ الإنسان يدبر الجسد وليس بحال فيه، والإنسان عنده ليس بطويل ولا عريض، ولا ذي لون وتأليف وحركة، ولا حال ولا متمكن، وأنّ الإنسان شيء غير هذا الجسد، وهو حيّ عالم قادر مختار، وليس هو بمتحرّك ولا ساكن. ولا متلوّن ولا يرى ولا يلمس ولا يحلّ موضعا ولا يحويه مكان، فوصف الإنسان بوصف الإلهية عنده، فإن مدبر العالم موصوف عنده كذلك، وزعم أن الإنسان منعم في الحياة وموزر في النار، وليس هو في الجنة ولا في النار حالا ولا متمكنا. وقال: أنّ الله لم يخلق غير الأجسام، والأعراض تابعة لها متولدة منها، وأنّ الأعراض لا تتناهى في كل نوع، وأنّ الإرادة من الله للشيء غير الله وغير خلقه، وأنّ الله ليس بقديم، لأنّ ذلك أخذ من قدم يقدم فهو قديم.
والرابعة عشر الثمانية: أتباع ثمامة بن أشرس النميريّ، وجمع بين النقائض وقال: