القفة، والحوائج فوقه، ووصل به إلى القرافة وأرضعته المرضعة بهذا المسجد وخفي أمره عن الحافظ حتى كبر، وصار يسمى قفيفة. فلما حان نفعه نمّ عليه أبو عبد الله الحسين بن أبي الفضل عبد الله بن الحسين الجوهريّ الواعظ، بعد ما مات الشيخ أبو تراب، عند الحافظ. فأخذ الصبيّ وقصده فمات. وخلع على ابن الجوهريّ، ثم نفي إلى دمياط فمات بها في جمادى سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.
مسجد مكنون
هو بجانب مسجد الرحمة، بناه الأستاد مكنون القاضي الذي تقدّم ذكره في مسجد الأندلس.
مسجد جهة ريحان
هذا المسجد كان في وجه مسجد أبي تراب قبالة دار البقر من القرافة الكبرى، وجدّده أستاذ الجهة الحافظية، واسمه ريحان، في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
مسجد جهة بيان
هذا المسجد كان في بطحاء مسجد الأقدام بجوار ترب المادرانيين، بنته الجهة الحافظية المعروفة بجهة بيان الحساميّ، على يد أبي الفضل الصعيديّ المعروف بابن الموفق، وحكى الخليفة عن هذه الجهة خبرا عجيبا. قال القاضي المكين أبو الطاهر إسماعيل بن سلامة: قال لي أمير المؤمنين الحافظ يوما: يا قاضي أبا الطاهر. قلت لبيك يا أمير المؤمنين. قال: أحدّثك بحديث عجيب قلت نعم. قال لما جرى من أبي عليّ بن الأفضل ما جرى بينما أنا في الموضع الذي كنت معتقلا فيه، رأيت كأني قد جلست في مجلس من مجالس القصر أعرفه، وكان الخلافة قد أعيدت إليّ، وكأنّ المغنيات قد دخلن يهنينني ويغنين بين يدي، وفي جملتهنّ جارية معها عود، يعني هذه الجارية المذكورة، فأنشأت تغني قول أبي العتاهية:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرّر أذيالها
فلم تك تصلح إلّا له ... ولم يك يصلح إلّا لها
ولو نالها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها
وكأني قمت إلى خزانة بالمجلس أخذت منها حقة فيها جوهر. فملأت فمها منه، ثم استيقظت. فو الله يا قاضي ما كان إلّا يومان حتى كسر عليّ الحبس لما قتل أبو عليّ بن الأفضل وقيل لي السلام على أمير المؤمنين، فلما خرجت وأقمت أياما جلست في ذلك المجلس الذي رأيته في النوم، ودخل الجواري يهنينني، فغنت إحداهنّ وهي ذات عود ذلك