على العبد حقّ وهو لا شكّ فاعله ... وإن عظم المولى وجلّت فواضله
ألم ترنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غنى فهو قابله
فلو كان يهدي للجليل بقدره ... لقصّر عنه البحر يوما وساحله
ولكنّنا نهدي إلى من نجلّه ... وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله
وكتب سعيد بن حميد إلى صديق له يوم نيروز: هذا يوم سهّلت فيه السنّة للعبيد الإهداء للملوك، فتعلّقت كلّ طائفة من البر بحسب القدرة والهمّة، ولم أجد فيما أملك ما يفي بحقّك، ووجدت تقريظك أبلغ في أداء ما يجب لك، ومن لم يؤت في هديّته إلا من جهة قدرته فلا طعن عليه.
هذا ما يتعلق بنيروز الفرس «١» من ذكر الهدايا فيه، وإيقاد النار، ورشّ الماء، وأوّل من سنّه. وأما تعلّقه بالخراج فسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى عند الكلام على جباية الخراج في فنّ الدّيونة.
العيد الثاني من أعياد الفرس المهرجان
- وهو في السادس والعشرين من تشرين الأوّل من شهور السّريان، وفي السادس عشر من مهرماه من شهور الفرس، وفي التاسع من أبيب من شهور القبط؛ وبينه وبين النيروز مائة وسبعة وستون يوما، وهذا الأوان في وسط زمان الخريف، وفي ذلك يقول الشاعر:
أحبّ المهرجان لأنّ فيه ... سرورا للملوك ذوي السّناء
وبابا للمصير إلى أوان ... تفتّح فيه أبواب السّماء
ومدّته ستة أيام، ويسمّى اليوم السادس منه المهرجان الأكبر، كما يسمّى اليوم السادس من أيام النّيروز عندهم النّيروز الأكبر.
قال المسعودي: وسبب تسميتهم لهذا اليوم بهذا الاسم أنهم كانوا يسمّون شهورهم بأسماء ملوكهم، وكان لهم ملك يسمّى مهرا يسير فيهم بالعنف والعسف