الصافي من كل شيء، قال ابن أحمر «١» يذكر امرأة:
تتيه بفاحم جعد ... وأبيض ناصع الحبر
يريد سواد شعرها، وبياض لونها؛ وفي الخبر «يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره» بكسر الحاء المهملة والسين فيهما. قال ابن الأعرابي: حبره:
حسنه، وسبره هيئته، وقال المبرد: قال التوزيّ: سألت الفرّاء عن المداد لم سمّي حبرا، فقال: يقال للمعلّم حبر وحبر يعني بفتح الحاء وكسرها، فأرادوا مداد حبر أي مداد عالم، فحذفوا مداد وجعلوا مكانه حبرا. قال: فذكرت ذلك للأصمعيّ فقال: ليس هذا بشيء إنما هو لتأثيره، يقال: على أسنانه حبر إذا كثرت صفرتها حتّى صارت تضرب إلى السواد، والحبر: الأثر يبقى في الجلد، وأنشد:
لقد أشمتت بي آل فيد وغادرت ... بجلدي حبرا بنت مصّان باديا
أراد بالحبر الأثر، يعني أثر الكتابة في القرطاس، قال المبرد: وأنا أحسب أنه سمّي بذلك لأن الكتاب يحبّر به أي يحسّن، أخذا من قولهم: حبّرت الشيء تحبيرا إذا حسّنته.
الوجه الثاني في شرف المداد والحبر، واختيار السواد لذلك
في الخبر «يؤتى بمداد طالب العلم ودم الشهيد يوم القيامة فيوضع أحدهما في كفّة الميزان والآخر في الكفّة الأخرى فلا يرجح أحدهما على الآخر» قال بعض الحكماء: صورة المداد في الأبصار سوداء، وفي البصائر بيضاء. وقد قيل:
كواكب الحكم في ظلم المداد. ونظر جعفر بن محمد إلى فتى على ثيابه أثر المداد، وهو يستره منه، فقال له: يا هذا، إن المداد من المروءة. وأنشد أبو زيد: