جميلا أو شكره على فعل، تمرّغ المنعم عليه بين يديه من أوّل المكان إلى آخره، فإذا وصل إلى آخر المكان، أخذ غلمان المنعم عليه أو من هو من أصحابه من رماد يكون موضوعا في آخر مجلس الملك معدّا لهذا الشأن، فيذرّ في رأس المنعم عليه، ثم يعود ويتمرّغ، إلى أن يصل بين يدي الملك، ويضرب جوكا آخر بيده ثم يقوم.
وأما في الركوب فقد جرت عادة سلطان هذه المملكة أنه إذا قدم من سفر أن يحمل على رأسه الجتر راكب، وينشر على رأسه علم، وتضرب أمامه الطّبول، والطّنابير «١» ، والبوقات بقرون لهم فيها صناعة محكمة. قال ابن أمير حاجب:
وشعار هذا السلطان أعلام وألوية كبار جدّا، ورنكه أصفر في أرض حمراء.
وأما غير ذلك من سائر أموره، فقد ذكر الشيخ سعيد الدّكّاليّ: أن من عادة هذا السلطان أنه إذا عاد إليه أحد ممّن بعثه في شغل له أو أمر مهمّ أن يسأله عن كلّ ما حدث له من حين مفارقته له وإلى حين عوده مفصّلا. قال ابن أمير حاجب: وقد رأيت السلطان موسى وهو بمصر لا يأكل إلا منفردا وحده، لا يحضره عند الأكل أحد البتّة.
المملكة السادسة (من ممالك بلاد السّودان، مملكة الحبشة)
بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة والشين المعجمة وهاء في الآخر.
وهي مملكة عظيمة جليلة المقدار، متسعة الأرجاء، فسيحة الجوانب. قال في «مسالك الأبصار» : وأرضها صبعة المسلك: لكثرة جبالها الشامخة، وعظم أشجارها، واشتباك بعضها ببعض، حتّى إنّ ملكها إذا أراد الخروج إلى جهة من جهاتها، تقدّمه قوم مرصدون لإصلاح الطّرق بآلات لقطع الأشجار وإحراقها بالنار.