ينقلونها معهم في الأسفار والتنزّهات، وإنه إذا جلس الملك يجلس على كرسيّ، ويجلس حول كرسيه أمراء مملكته وكبراؤها على كراسيّ من حديد: منها ما هو مطعّم بالذهب، ومنها ما هو ساذج على قدر مراتبهم. قال: ويقال إن الملك مع نفاذ أمره فيهم يتثّبت في أحكامه. ولم يزد في ترتيب مملكتهم على ذلك.
ولملك الحبشة هذا مكاتبة عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية، يأتي ذكرها في الكلام على المكاتبات في المقالة الرابعة إن شاء الله تعالى.
القسم الثاني (من بلاد الحبشة ما بيد مسلمي الحبشة)
وهي البلاد المقابلة لبرّ اليمن على أعالي بحر القلزم، وما يتصل به من بحر الهند، ويعبّر عنها «بالطّراز الإسلامي» لأنها على جانب البحر كالطّراز له. قال في «مسالك الأبصار» : وهي البلاد التي يقال لها بمصر والشام بلاد الزّيلع.
قال: والزّيلع إنما هي قرية من قراها، وجزيرة من جزائرها، غلب عليها اسمها.
قال الشيخ عبد المؤمن الزّيلعيّ الفقيه: وطولها برّا وبحرا خاصّا بها نحو شهرين، وعرضها يمتدّ أكثر من ذلك، لكن الغالب في عرضها أنه مقفر، أما مقدار العمارة فهو ثلاثة وأربعون يوما طولا، وأربعون يوما عرضا. قال في «مسالك الأبصار» :
وبيوتهم من طين وأحجار وأخشاب، مسقّفة بجملونات وقباب، وليست بذوات أسوار ولا لها فخامة بناء، ومع ذلك فلها الجوامع، والمساجد، وتقام بها الخطب والجمع والجماعات، وعند أهلها محافظة على الدّين، إلا أنه لا تعرف عندهم مدرسة، ولا خانقاه، ولا رباط، ولا زاوية. وهي بلاد شديدة الحرّ، وألوان أهلها إلى الصّفاء، وليست شعورهم في غاية التفلفل كما في أهل مالّي وما يليها من جنوب المغرب، وفطنهم أنبه من غيرهم من السّودان، وفطرهم أذكى، وفيهم الزّهّاد، والأبرار، والفقهاء والعلماء، ويتمذهبون بمذهب أبي حنيفة، خلا وفات «١» فإن ملكها وغالب أهلها شافعيّة.