قال القضاعي في «عيون المعارف» : وكان ذلك في سنة تسع عشرة أو ثماني عشرة من الهجرة.
قلت: واستقرّت تواريخ الأمم على أربعة تواريخ، ابتداء بعضها مقدّم على ابتداء بعض.
أوّلها- غلبة الإسكندر على الفرس. وعليه تاريخ السّريان والرّوم إلى زماننا.
والثاني- ملك دقلطيانوس ملك الروم على القبط. وعليه تاريخ القبط إلى زماننا.
والثالث- الهجرة النبوّية على صاحبها أفضل الصلاة والسّلام. وعليها مدار التاريخ الإسلاميّ.
والرابع- هلاك يزدجرد آخر ملوك الفرس. وبه تؤرّخ الفرس إلى زماننا، وقد تقدّم بيان بعد ما بين تاريخ كلّ من غلبة الإسكندر وملك دقلطيانوس وبين الهجرة في القبلية، وبعد ما بين تاريخ يزدجرد وبين الهجرة في البعدية في الكلام على أصول التواريخ، مع ما سبق في المقالة الأولى في بيان ما يحتاج إليه الكاتب من ذكر مقدار سنة كلّ منها وعددها من الأيام، وسيأتي الكلام على استخراج بعضها من بعض فيما بعد إن شاء الله تعالى.
الجملة السادسة (في كيفيّة تقييد التاريخ في الكتابة بزمن معيّن، وهو ضربان)
الضرب الأوّل (التاريخ العربيّ)
ومداره الليالي دون الأيام؛ لأن سني العرب قمريّة، والقمر أوّل ما يظهر للأبصار هلالا في الليل، فتكون الليالي بهذا الاعتبار سابقة للأيّام، إذ اليوم عندهم عبارة عن النهار، وهو إما من طلوع الفجر على ما ورد به الشرع في