غير ذلك فعلت- قال لا أشاء ذلك. ثم التفت إلى أصحابه فقال أيكم يحفظ كلام أمّ الخير؟ فقال رجل من القوم أنا أحفظه يا أمير المؤمنين كحفظي سورة الحمد- قال هاته- قال: نعم كأني بها يا أمير المؤمنين في ذلك اليوم عليها برد زبيديّ كثيف الحاشية، وهي على جمل أرمك «١» وقد أحيط حولها، وبيدها سوط منتشر الظفر «٢» وهي كالفحل يهدر في شقشقته تقول:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ
«٣» . إن الله قد أوضح الحقّ، وأبان الدليل، ونوّر السبيل، ورفع العلم، فلم يدعكم في عمياء مبهمة، ولا سوداء مدلهمّة فإلى أين تريدون رحمكم الله. أفرارا عن أمير المؤمنين، أم فرارا من الزّحف، أم رغبة عن الإسلام، أم ارتدادا عن الحق.
أما سمعتم الله عز وجل يقول: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ
«٤» .
ثم رفعت رأسها إلى السماء وهي تقول:
قد عيل الصبر، وضعف اليقين، وانتشرت الرّغبة، وبيدك يا رب أزمّة القلوب فاجمع الكلمة على التقوى، وألّف القلوب على الهدى، هلمّوا رحمكم الله إلى الإمام العادل، والوصيّ الوفيّ، والصدّيق الأكبر! إنها إحن بدريّة، وأحقاد جاهلية، وضغائن أحدية، وثب بها معاوية حين الغفلة ليدرك بها ثارات بني عبد شمس.
ثم قالت فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ
«٥» .
صبرا معشر المهاجرين والأنصار، قاتلوا على بصيرة من ربكم، وثبات من