في الوصية على وفود الحجيج: «وكل هؤلاء إنما يأتون في ذمام الله بيته الذي من دخله كان آمنا، وإلى محل ابن بنت نبيه الذي يلزمه من طريق برّ الضيف ما أخذ لهم، وإن لم يكن ضامنا؛ فليأخذ بمن أطاع من عصى، وليردع كل مفسد ولا سيما العبيد، فإن العبد لا يردعه إلا العصا» فقوله: فإن العبد لا يردعه إلا العصا يشير به إلى قول ابن دريد في مقصورته:
واللّوم للحرّ مقيم رادع ... والعبد لا يردعه إلّا العصا
وقد اشتهر النصف الثاني من هذا البيت حتى جرى مجرى المثل، ولعله كان مثلا سائرا قبل أن ينظمه ابن دريد.
ومنه قول الشيخ جمال الدين بن نباتة رحمه الله من توقيع بنظر مدرسة بعد أن قدّم أن أهلها رفعوا قصصهم في طلب ذلك الناظر: «وكيف لا وهو نعم الناظر والإنسان، وفي مصالح القول والعمل ذو اليدين واللّسان، وذو العزائم الذي تقّيدت في حبّه الرّتب، ومن وجد الإحسان» . يريد البيت المشهور:
ومن وجد الإحسان قيدا تقيّدا
وقد أتى فيه بالاكتفاء، فزاد في كلامه حسنا وطلاوة.
وأعلى منه وأوقع في النفوس قوله بعد ذلك في التوقيع المذكور «فاقتضى علوّ الرأي أن يجاب في طلبه إليهم سؤال القوم، وأن يتصل أمس الإقبال باليوم، وأن تبلغ هذه الوظيفة أملها فيه، بعد ما مضت عليها من الدهر ملاوه «١» ، وهذه المدرسة لولا تداركه لكانت كما قال الخزاعي «مدارس آيات خلت من تلاوه» .
ومن ذلك قول المولى علاء الدين بن غانم في قدمة باسم مظفر الدّين