لهم كان غرما لا غنما، وتدبّروا معنى قوله تعالى: إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً
«١» ولم يخف عنهم ما نالته السيوف الإسلامية منهم، وقد رأوا عزم من حضر من عساكرنا التي لو كانت مجتمعة عند اللّقاء ما ظهر خبر عنهم؛ فإنا كنّا في مفتتح ملكنا، ومبتدإ أمرنا، حللنا بالشام للنظر في أمور البلاد والعباد؛ فلما تحقّقنا خبركم، وقفونا أثركم؛ بادرنا نقدّ أديم الأرض سيرا، وأسرعنا لندفع عن المسلمين ضررا وضيرا، ونؤدّي من الجهاد السنّة والفرض، ونعمل بقوله تعالى:
وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ
«٢» فاتفق اللّقاء بمن حضر من عساكرنا المنصورة، وثوقا بقوله تعالى: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً
«٣» وإلا فأكابركم يعلمون وقائع الجيوش الإسلاميّة التي كم وطئت موطئا يغيظ الكفّار فكتب لها عمل صالح، وسارت في سبيل الله ففتح عليها أبواب المناجح؛ وتعدّدت أيام نصرتها التي لو دقّقتم الفكر فيها لأزالت ما حصل عندكم من لبس، ولما قدرتم أن تنكروها وفي تعب من ينكر ضوء الشمس، وما زال الله نعم المولى ونعم النصير، وإذا راجعتموهم قصّوا عليكم نبأ الاستظهار وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ
«٤» ؛ وما زالت تتّفق الوقائع بين الملوك والحروب، وتجري المواقف التي هي بتقدير الله فلا فخر فيها للغالب ولا عار على المغلوب؛ وكم من ملك استظهر عليه ثم نصر، وعاوده التأييد فجبر بعد ما كسر؛ خصوصا ملوك هذا الدّين، فإنّ الله تعالى تكفّل لهم بحسن العقبى فقال تعالى: وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ*
«٥» وأما إقامتهم الحجة علينا، ونسبتهم التفريط إلينا؛ في كوننا لم نسيّر إليهم رسولا عند ما حلّوا بدمشق، فنحن عندما وصلنا إلى الديار المصرية لم نزد على أن