المذكور وإلى غيره من عربانه، ووعدته بالتّقدمة والإمارة، بالتصريح العظيم لا بالتلويح والإشارة؛ وكتبت إليه كتابا ما تركت فيه ولا خلّيت، وأظهرت كلّ ما كان عندك وما أبقيت؛ فجهّزه إلينا وقريء على مسامعنا الشريفة كلمة كلمة، وعرفنا واضح معناه ومبهمه؛ وها نحن نشرحه لك لتعلم وتتحقّق أنه وصل إلينا، واطّلعنا عليه وما خفي أمره علينا. وهذا نصه:
(دام دولته) الأمير الكبير، المعظّم أمير نعير، أدام الله دولته شمسا. نعرض لعلوّ علومه المحروسة أنه قد اتّصل بنا طردك عن الشام، ومعاملتهم معك غير الواجب.
حال وقوفك على هذا المثال تسرع في الوصول إلينا بحيث نعطيك ما أعطي المرحوم عمك أمير سليمان طاب ثراه، ونجعلك مقدّم العساكر المنصورة؛ وبهذا برز الحكم المطاع من الحضرة العالية؛ ففي عزم العساكر والجيوش المعظّمة الوصول إلى أطراف البلاد شرقا وغربا وروميّا من سائر النواحي والأمصار، والبلاد والأقطار؛ وإن أبطأ ركابك عن الوصول، فنحن واصلون إليكم في طريقنا إلى مصر وغيره، ولا يبقى لطاعتك مزيّة ولا منّة، فيكون ذلك على الخاطر المبارك.
فينبغي أن لا يكون جواب الكتاب، إلا قدوم الركاب؛ ففيه لكم الفوائد العظيمة، والعطايا الجسيمة؛ ومع ذلك إصابة الرأي منكم، تغني عن تأكيد الوصية إليكم؛ ومهما عرض من المهامّ يقضى حسب المراد، ومنهج السّداد؛ والله الموفق.
وبحاشية الكتاب المذكور ما نصّه:
وقد كتبنا إلى السلطان أحمد أن يصل إلينا، فانظر كيف كان عاقبة أمره؟
فينبغي أن تتوجّه أو يتوجّه بعض أولادك إلينا لأجل مصالحك كافّة.
فيا أمير تيمور لو كنت صادقا، وكلامك بالحق ناطقا، ما وقع منك مثل هذا ولا صدر، ولا اتّفق بل ولا ببالك خطر؛ ولكن كلّ ما يكون في خاطر الإنسان يظهر من الكلام الذي يخرج من فيه، وكلّ وعاء ما ينضح إلا بما فيه.