الذاهب قبله. ولا يخفى أن الجواب عن ورود الكتاب بانتقال السلطنة إلى السلطان وجلوسه على تخت الملك في معنى الجواب في انتقال الخلافة إلى الخليفة، لا يكاد يفرق بينهما، على ما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وأما الجواب عن الكتب الواردة بالدعاء إلى الدّين، فإنما يتكلّفها كتّاب مخالفي الملّة؛ لأنها إنما تصدر إليهم. قال في «موادّ البيان» «١» : إلّا أنه لا غنى لكتّاب الإسلام عن علم ما يقع فيها، لتتقدّم عندهم المعرفة بما يجيب به المخالفون، فيأخذوا عليهم بأطراف الحجّة إذا كاتبوهم ابتداء أو جوابا.
قال: ولا تخلو أجوبة هذه الكتب من أربعة معان:
أحدها- إجابة الدعاء إلى الدّين، وقبول الإرشاد والهدى، والنّزوع عن الغيّ، والإقبال على التّبصرة والتذكرة، بعقائد خالصة، ونيّات صريحة.
والثاني- الإصرار على ما هم متمسّكون به، وتمحّل الشّبهة في نصرته، وادّعاء الحقّ فيما يعتقدونه، والمغالطة عن الإجابة إلى قبول ما دعوا إليه.
والثالث- بذل الجزية والمصالحة، والجنوح إلى السّلم والموادعة.
والرابع- إظهار الحميّة، والقيام في دفاع من يروم اقتسارهم على مفارقة شرائعهم وأديانهم، وبذل الأنفس في مقارعته.
وأما الجواب عن الكتب الواردة بالحثّ على الجهاد، فقد ذكر في «موادّ البيان» أنها لا تخرج عن معنيين:
أحدهما- إجابة الصّريخ، والمبادرة إلى التّشمير في الجهاد، والقيام في معونة الأولياء، على كفاح الأعداء.
والثاني- الاعتذار والتّعلّل والتّثاقل.
هذا إن كانت الكتب صادرة إلى القوّاد والمقدّمين، أما إذا كانت مقصورة