المملوك كتاب من شرّفه، وسمع ألفاظه الّتي بلطفها أتحفه، بل بردائها على البرد ألحفه، تقدّم بإجابة سؤاله، وترتيبه في جهة تليق بأمثاله، وقمّصه من العناية قميصا لا يبلى، وجمع لخاطره والدّعة شملا، وهذا حسب إشارة المولى الّتي لا تخالف، وأمره الذي يقف كلّ أحد عنده ولا يستوقف ولا يواقف «١» .
كتاب إلى مريض بالسؤال عنه من كلام المتأخرين (مجزوء الكامل) .
حاشى مزاجك من أذى ... وكريم جسمك من وصب «٢»
يا غاية المأمول و ... المرجوّ، يا كلّ الطّلب
مذ غبت عنّي لم أزل ... من بعد بعدك في نصب «٣»
جفني غريق بالدّموع ... وماء صبري قد نضب
والله ما لي في البقاء ... وأنت ناء من أرب
فترى «٤» أبشّر سيّدي ... أنّ اللّقاء قد اقترب؟
حرس الله مزاج المولى! وأصار العافية له شعارا، والصّحّة له دثارا، ولا زالت ساكنة في جوانحه، مقيمة حشو أعضائه المباركة وجوارحه.
أصدرها المملوك تعرب عن شوق يكلّ عن وصفه اللّسان، وتوق لا يحسن وصفه البنان، ولا عج يعجز عن حمل بعضه الجنان، ملتمسا المواصلة بأخباره، وواصفا ما يجده القلب من ألم الشوق وناره، وشاكيا من جور أيّام الفراق، وراجيا أن يبشّر بالإبلال من مرضه والإفراق، وداعيا إلى الله بتعجيل أيّام التّلاق. ومع ذلك فلو رمت أن أشرح كلّ ما أجده من الصّبابة لأسأمت