فقال عامر للبيد: أجبه! فرغب عن إجابته، وكان السندريّ يقال لجدته عيساء، وكانت أمة لفاختة ابنة جعفر بن كلاب، امرأة شريح بن الأحوص، فوقع عليها شريح فولدت له زبّان، ويزيد، وشهابا، فقال لبيد:
لمّا دعاني عامر لأسبّهم ... أبيت وإن كان ابن عيساء ظالما
ألا أيّنا ما كان شرّا لمالك ... فلا زال يلقى في الحياة الملاوما
لكيلا يكون السّندريّ نديدنا ... وأشتم أعماما عموما عماعما «١»
وأنشر من تحت القبور أبوّة ... كراما هم شدّوا عليّ التّمائما
لعبت على أكتافهم وحجورهم ... وليدا وسمّوني وليدا وعاصما
بلى أيّنا ما كان شرّا لمالك ... فلا زال في الدّنيا ملوما ولائما
ووثب الحطيئة فقال:
ما يحسن الحكّام بالفصل بعدما ... بدا سابق ذو غرّة وحجول؟
حتّى أتى على قصيدة كاملة، ثم قال:
يا عام «٢» قد كنت ذا باع ومكرمة ... لو أنّ مسعاة من جاريته أمم «٣»
وأقام القوم على ذلك أياما، فأرسل هرم إلى عامر فأتاه سرّا لا يعلم به أحد، فقال: يا عامر كنت أحسب أن لك رأيا، وأن فيك خيرا، وما حبستك هذه الأيام إلا لتنصرف عن صاحبك؛ أتنافر رجلا لا تفخر أنت ولا قومك إلا بآبائه، فما الذي أنت به خير منه؟ فقال عامر: أنشدك الله والرحم أن لا تفضّل عليّ علقمة، فو الله لئن فعلت لا أفلح بعدها أبدا! هذه ناصيتي لك فاجززها واحتكم في مالي، فإن كنت لا بدّ فاعلا فسوّ بيني وبينه- فقال انصرف فسوف أرى رأيي: فخرج عامر وهو لا يشك أنه سيفضله عليه؛ ثم أرسل إلى علقمة