فقال أبو بكر: لا ولكنّا الأمراء وأنتم الوزراء. فبايعوا عمر أو أبا عبيدة. فقال عمر: بل نبايعك فأنت سيّدنا وخيرنا وأحبّنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايع الناس» .
وهذه أوّل بيعة بالخلافة كانت في الإسلام، ولكن لم ينقل أنه رضي الله عنه كتب له مبايعة بذلك، ولعلّ ذلك لأنّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا إذا بايعوا لا يجحدون البيعة بعد صدورها، بخلاف ما بعد ذلك.
المقصد الثاني (في بيان أسباب البيعة الموجبة لأخذها على الرّعيّة
وهي خمسة أسباب:
السبب الأوّل- موت الخليفة المنتصب من غير عهد بالخلافة لأحد بعده،
كما في قصّة الصّدّيق المتقدّمة بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو بتركها شورى في جماعة معيّنة، كما فعل عمر، رضي الله عنه، عند وفاته حيث تركها شورى في ستة:
عليّ بن أبي طالب، والزّبير بن العوّام، وعثمان بن عفّان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، وسعد بن أبي وقّاص، رضي الله عنهم.
السبب الثاني- خلع الخليفة المنتصب لموجب يقتضي الخلع
، فتحتاج الأمة إلى مبايعة إمام يقوم بأمورها، ويتحمّل بأعبائها.
السبب الثالث- أن يتوهّم الخليفة خروج ناحية من النّواحي عن الطاعة
فيوجّه إليهم من يأخذ البيعة له عليهم، لينقادوا لأمره، ويدخلوا تحت طاعته.
السبب الرابع- أن تؤخذ البيعة للخليفة المعهود إليه بعد وفاة العاهد
، كما كانت الخلفاء الفاطميّون تفعل في خلافتهم بمصر، وكانوا يسمّون البيعة سجلّا