المملكة وإن كان خارجا عن يده فهو داخل في عموم ولايته، حتّى لو غلب على شيء منها أو فتحه لم يحتج فيه إلى تولية جديدة من الخليفة. ولا مانع لذلك، فسيأتي في الكلام على المناشير أنه يجوز للإمام أن يقطع أرض الكفر قبل أن تفتح، وإذا جاز ذلك في الإقطاع «١» ففي هذا أولى. وحينئذ فتكون سلطنة الديار المصريّة الآن مركّبة من وزارة التفويض وإمارة الاستيلاء.
الوجه الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته فيه)
واعلم أنه يجب على الكاتب مراعاة أمور:
منها: براعة الاستهلال بما يتهيّأ له من اسم السلطان أو لقبه الخاصّ، مثل فلان الدين، أو لقبه بالسلطنة، مثل الناصر، والظاهر، ونحوهما، أو غير ذلك مما يدلّ على ما بعده قبل الإتيان به كما تقدّم في البيعات وعهود الخلفاء.
ومنها: التنبيه على شرف السّلطنة وعلوّ رتبتها، ووجوب القيام بأمر الرعيّة، وتحمّل ذلك عن الخليفة.
ومنها: الإشارة إلى اجتهاد الخليفة وإعمال فكره فيمن يقوم بأمر الأمّة، وأنه لم يجد بذلك أحقّ من المعهود إليه ولا أولى به منه، فيصفه بالصّفات الجميلة، ويثني عليه بما يليق بمقام الملك.
ومنها: الإشارة إلى جريان لفظ تنعقد به الولاية من عهد أو تقليد أو تفويض، وقبول ذلك، ووقوع الإشهاد على الخليفة بالعهد.
ومنها: إيراد ما يليق بالمقام من الوصيّة، بحسب ما يقتضيه الحال، من علوّ رتبة الخلافة وانخفاضها، مبيّنا لما يلزمه القيام به، من حفظ الدّين على أصوله المستقرّة، وما أجمع عليه سلف الأمّة، وتنفيذ الأحكام، وإنصاف المظلوم من الظالم، وحماية البيضة، والذّبّ عن الحرم، وإقامة الحدود،