مشربا بحمرة؛ وقد جاء في حديث ضمام بن ثعلبة أنه حين سأل عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم عند وفوده عليه بقوله: «أيّكم ابن عبد المطّلب؟ قيل: هو ذاك الأمغر المتّكيء» :
والأمغر هو المشرب بحمرة، أخذا من المغرة؛ وهي الصّبغ «١» المعروف.
وقد جاء في وصفه صلّى الله عليه وسلّم أنه: «أزهر اللّون» ؛ والأزهر هو الأبيض بصفرة خفيفة. والسّمرة مستحسنة عند كثير من الناس، وهو الغالب في لون العرب، وقد قيل في قوله صلّى الله عليه وسلّم: «بعثت إلى الأحمر والأسود» ، إن المراد بالأحمر: العجم لغلبة البياض فيهم؛ والمراد بالأسود: العرب لغلبة السّمرة فيهم؛ أما السواد فإنه غير ممدوح بل قد ذمّ الله تعالى السواد، ومدح البياض بقوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ
«٢» الآية؛ على أن كثيرا من الناس قد جنحوا إلى استحسان السّودان والميل إليهم، وتأنقوا في الاحتفال بأمرهم؛ وقد نص أصحابنا الشافعية على أنه لو قال لزوجته: إن لم تكوني أحسن من القمر فأنت طالق، لم تطلق وإن كانت زنجية سوداء؛ فقد قال تعالى: وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ*
«٣» . وبالجملة فالحسن في كل لون مستحسن؛ ولله القائل:
إن المليح مليح ... يحبّ في كلّ لون
ومنها: حسن القدّ؛ وأحسن القدود الرّبعة: وهو المعتدل القامة، الذي لا طول فيه ولا قصر، وليس كما يقع في بعض الأذهان من أنّ المراد منه دون الاعتدال. وقد جاء في وصف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، «أنّه كان ربعة» . ويستحسن في القدّ القوام والرّشاقة، ويشبّه بالرمح وبالغصن، وأكثر ما يشبه به في ذلك أغصان البان لقوامها.
ومنها: سواد الشعر؛ وأكثر ما يكون ذلك في السّمر، فإن اجتمع مع البياض