فمن المبالغة في الشعر المنتهية إلى حدّ الكذب قول «١» البحتري:
ولو قست يوما حجلها بحقابها ... لكانا سواء لا بل الحجل أوسع «٢»
وصفها برقّة الخصر وغلظ الساق حتّى جعل حجلها الذي يدور على ساقها أوسع من حقابها الذي يدور على خصرها؛ وأبلغ منه قول الآخر «٣» :
من الهيف لو أنّ الخلاخيل «٤» صيّرت ... لها وشحا جالت عليها الخلاخل
فجعل الخلخال يجول في بدنها، ولكنه ليس من المدح في شيء لأن الخلخال لو صار وشاحا للمرأة لكانت في غاية الدّمامة حتّى تصير في خلقة الجرو «٥» والهرّ.
وأبلغ منه قول الآخر:
ورحب صدر لو انّ الأرض واسعة ... كوسعه لم يضق عن أهله بلد
فجعل صدره في السّعة والرّحب أوسع من الأرض، ونحوه قول الآخر «٦» :
ويوم كطول الدّهر في عرض مثله ... ووجدي من هذا وهاذاك أطول
إلا أنه استعمل العرض في غير موضعه؛ إذ الدهر يوصف بالطول لا بالعرض، وهو قد جعل له طولا وعرضا؛ ويقرب منه قول أبي الطّيّب:
كفى بجسمي نحولا أنّني رجل ... لولا مخاطبتي إيّاك لم أبن «٧»