والسمع؛ وعلى هذا المنهج في الجزالة والسّهولة يجري من النظم قول امرىء القيس:
فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل ... وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي
فانظر إلى هذين البيتين ليس فيهما لفظة غريبة، ولا كره مع ما فيهما من الجزالة؛ وكذلك أبيات السّموأل المشهورة وهي:
إذا المرء لم يدنس من اللّؤم عرضه ... فكلّ رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النّفس ضيمها ... فليس إلى حسن الثّناء سبيل
تعيّرنا أنّا قليل عديدنا ... فقلت لها إنّ الكرام قليل
وما ضرّنا أنا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين ذليل
يقرّب حبّ الموت آجالا لنا ... وتكرهه آجالهم فتطول
وما مات منّا سيّد في فراشه ... ولا طلّ منّا حيث كان قتيل
وأسيافنا في كلّ غرب ومشرق ... بها من قراع الدّارعين فلول
معوّدة ألّا تسلّ نصالها ... فتغمد حتّى يستباح قبيل
فإذا نظرت ما تضمنته هذه الأبيات من الجزالة، خلتها زبرا من الحديد مع ما هي عليه من السّهولة والعذوبة، وأنها غير فظّة ولا غليظة. وقد ورد للعرب في جانب الرّقة من الأشعار ما يكاد تذوب لرقّته القلوب، كقول عروة بن أذينة: «١» .
إن التي زعمت فؤادك ملّها ... خلقت هواك كما خلقت هوى لها
بيضاء باكرها النّعيم فصاغها ... بلباقة فأدقّها وأجلّها
حجبت تحيتها فقلت لصاحبي ... ما كان أكثرها لنا وأقلها!
وإذا وجدت لها وساوس سلوة ... شفع الضمير إلى الفؤاد فسلّها